المقـدمـة
طرحت
نظرية التطور في أواسط القرن 19 على يد عالم إنجليزي في وقت كانت العلوم
والتكنولوجيا على مستوى متدن. فقد كان علماء ذلك القرن يُجرون أبحاثهم في
معامل بسيطة وبأجهزة بدائية جداً لا يمكن معها للعلماء أن يروا من خلالها
البكتريا ، ومن المؤكد أن عدم دقة الأجهزة خلق بعض الاعتقادات الباطلة التي
ترسبت في أذهانهم في غضون العصور الوسطى ولا تزال مؤثرة في ثقافتهم حتى
الآن.
من أبرز هذه الاعتقادات الفكرة التي تقول:
إن للحياة طبيعة بسيطة في أساسها وهي الفكرة التي ترجع أصولها إلى الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو الذي قال:
(
إنّ الحياة تبدأ صدفة بمجرد وجود بعض المواد التي لا حياة فيها، وتكون هذه
المواد متلازمة جنبا إلى جنب في بيئة مبتلة رطبة ومن هنا تبدأ الحياة ).
وكذلك أعتمد داروين في بناء نظريته على هذه الفكرة وهي أن:
(الحياة لها طبيعة بسيطة في أساسها).
ولقد
اعتنق علماء علم الأحياء فكرة داروين وناصروها وبنوا أفكارهم على هذا
المنطق، وكان من أهم مناصري داروين في ألمانيا العالم أرنيست هايكل الذي
كان يعتقد أن الخلية الحية التي ترى تحت المجهر حينذاك كبقعة غامقة هي في
أساسها بسيطة التكوين بطبيعتها وقال عنها كما تصورها:
(إن الخلية ما هي إلا بالونة بسيطة مملوءة بسائل هيلامي ).
وهكذا
صيغت نظرية داروين معتمدة على مثل هذه التخيلات ، ومما أدى إلى خطأ
أصحابها مثل هايكل (Heackel) وداروين (Darwin) وهكسلي (Huxley) حينما
اعتقدوا أن للحياة تكويناً بسيطاً، خلق بالصدفة البحتة.
ولقد خطا
العلم والتكنولوجيا خلال قرن ونصف القرن خطوات عملاقة من يوم وضعت نظرية
داروين إلى يومنا هذا ، ولقد اكتشف العلماء الآن حقيقة الخلية التي تحدث
عنها هايكل(Heackel) وهى أن الخلية عبارة عن بالونه بسيطة مملوءة بسائل
هيلامي وشاهدوا حائرين أن حقيقة الخلية ليست بسيطة كما ظن علماء الماضي ،
بل وتوصلوا إلى نظام كامل متكامل داخل الخلية الذي كان لا يمكن تخيله في
عصر داروين.
وضع الأستاذ الدكتور ( ميشيل دانتون ) وهو أحد أشهر علماء علم الأحياء الجزيئي مثالاً لشرح ماهية الخلية حيث قال:
‘’لابد
من تكبير الخلية مليون مرة لكي نتوصل إلى حقيقتها التي أنتجت لنا علم
الأحياء الجزيئي’’، ولقد شبه لنا الخلية على أنها مركبة فضاء عملاقة تغطي
أجواء مدينة كبيرة مثل مدينة نيويورك أو لندن ، وعندما نبحث هذه الخلية عن
قرب نجد فيها ملايين الأبواب الصغيرة التي لو دخلنا من إحداها تحدث
المفاجأة حيث نجد تكنولوجيا خارقة للعادة ونظام متكامل مبهر.(Michael
Denton Evolution: A Theory in Crisis: London, Burnett Book, 1985, p.242)
هذا
الموضوع يتكلم عن معجزة الخلق في الخلية التي تعد أثراً صغيراً جداً يشتمل
على نظم متكاملة مبهرة أكثر من مركبة الفضاء العملاقة، وسيضع هذا الكتاب
نصب أعيننا الحركات اللاشعورية غير المتوقعة في جميع المواد التي تحتويها
الخلية من جزيئات وأنزيمات وبروتينيات منتجة داخل الخلية. وشرح ماهية
الخلايا الموجودة في جسم الإنسان والتي يبلغ عددها مائة بليون خلية تقريباً
، ويعرض أيضاً النماذج المتعلقة بكل خلية والتي تعرض لنا تطورات العلم
والعقلية الجبارة الفذة وسيوضح أخيراً أن كل ما في الخلية الحية ما هو إلا
آية من آيات الله تعالى وليس نتيجة الصدفة العمياء.
وفي الحقيقة فإن
أدلة خلق الله وآثار قوته الخارقة وعلمه وصنعه لمخلوقاته موجودة في كل شئ
وفي كل مكان وزمان ، فكل ما تقع عليه عين الإنسان يجد فيه قدرة خلق الله
العظيم .
إن السبب الحقيقي الذي جعلنا نطرح موضوع الخلايا بصفة خاصة
هو إلقاء الضوء مرة واحدة على الحقائق بأسلوب علمي ردا على من يدعي أن
الحياة ما هي إلا نتيجة الصّدفة ومـن ينكر وجود الله سبحانه، ويثبت أن
للحياة مميزات جزئية وكلية لا يمكن وجودها بالصدفة وإنما هي مخلوقة عن علم
وقدرة الله في خلقه .
الإيمان بالداروانية بعد عن العقل والمنطق
إن
كل خلية في جسدنا تتكاثر بالانقسام ولابد من نسخ الحامض النووي (DNA )
الذي يوجد داخل نواة الخلية عند الانقسام، وعملية الانقسام هذه تتم وفق
نظام دقيق لا قصور فيه يصيب الإنسان بحالة انبهار ، فجزيئة (DNA ) تشبه
سلماً حلزونياً يحتوي على ثلاثة مليارات حرف تعتبر مركزا للمعلومات، ويأتي
أنزيم اللولب ( هليكاز) إلى موقع الانقسام عند بداية عملية الانقسام فينقسم
السلم الحلزوني (DNA ) إلى شريطين بعد حل اللولب المزدوج ويتم انفصال
الشريطين عن بعضهما بكسر الروابط الهيدروجينية الموجودة بين القواعد
المزدوجة في الشريطين وفي النهاية يفترق وجها (DNA ) عن بعضهما البعض بشكل
‘’هيلكس’’ الذي دخل في بعضهم البعض.
يقوم (DNA ) بوظيفته في الوقت المناسب ودون تأخير وبغير تخاذل أو إهمال ودون أدنى خطأ يذكر كما لا يصاب (DNA) بأي ضرر ولو بسيط ، أما الآن فلقد جاء الدور على أنزيم ( DNA-Polymerase ) بوليميراز فوظيفته تكملة وجهي الـ (DNA ) الذين انقسما إلى شريطين بشريط آخر لجعلهم وحدة متكاملة.
الأنزيم المكون من ذرات الذي يتوقع أن يكون له عقل وعلم ووعي يستطيع إن يثبت المعلومات اللازمة التي تأتى بها من أماكنها في الخلية وصفّها في مواقعها الصحيحة لتكملة النصف الثاني ويكون (DNA ) خلال هذه العملية دقـيقا كل الدقة حيث لا يوجد أدني خطأ خلال العملية وبدقة متناهية جداً يثبت ثلاثة مليارات حرف الواحد وراء الآخر وفي نفس اللحظة يقوم أنزيم بوليميراز آخر بنفس العملية لتكملة النصف الأخر (DNA ) بينما يحدث كل هذا تمسك أنزيمات الربط ( (DNA من أطرافها لكي لا يحدث اختلاط بين جزءين منفصلين في شريطي ( DNA) .
كما نرى فإن كل أنزيم يعمل من خلال تنظيم عسكري صارم جداً خلال عمليه استنساخ (DNA ) الذي يحتاج إلى العقل والعلم للقيام بهذه العملية الدقيقة.
هل لكم أن تتصوروا أن تقوموا بنسخ كتاب يحتوي على ثلاثة مليارات حرف عن طريق الآلة الكاتبة من غير أن يحدث خطأ في حرف من الحروف؟ طبعاً هذا مستحيل ... فبدون شك لابد أن يحدث خطأ في النسخ ولو بسيط.
ورغم ذلك فإن أنصار النظرية الداروينية يزعمون أن العمليات التي تقوم بها الأنزيمات ومليارات المعلومات الموجودة في ( DNA ) خلال الاستنساخ والتنظيم الهائل الذي لا خلل فيه يتم بمحض الصدفة العشوائية ، إن اعتقاد أنصار النظرية بمثل هذه الظنون التي لا يصدقها عقل حدث ضخم مثير للاهتمام بل أنه خارق للعادة . ونحن نجد أن السبب الوحيد لأيمانهم بهذه المعتقدات الخاطئة العمياء ونشرها هو تمسكهم بالإلحاد وتمردهم على الاعتراف بوجود الله ومشيئته .
) توجد في نواة الخلية فهي بنك المعلومات للجسم. فقبل انقسام الخلية لتكاثرها يتحتم عليها تكاثر (DNA ) الذي لديها.
كثير من الأنزيمات التي أنتجت على حسب المعلومات الموجودة في (DNA ) تقوم بنشاطها بأعلى درجات الترتيب والتنظيم.
تأتي الأنزيمات المسماة هيليكاز (helikaz) DNA قبل استنساخ DNA حيث تقوم بفتح شكل حلزوني (DNA) كما تفتح جهتي السوستة فالأشكال التي باللون البرتقالي تبين العملية التي يقوم بها هذا الأنزيم.
عند فصل وتفريق شريطي (DNA) عن بعضهما البعض يتم تثبيت أنزيمات هيليكس. فاللون الأخضر في الصورة لمنح اندماجها مرة أخرى.
) حيث تبدأ عملها بإضافة المعلومات المناسبة أمام كلّ من الشريطين وبذلك يبدأ تكوين شريطي (DNA ) فالأشكال ذات اللون الأصفر تمثل أنزيمات بوليميراز (
![]() |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق