الفصل الثالث
الخطوة الثانية في الطريق إلى المادة: الجزيئات
ما
الذي يجعل الأشياء التي تراها حولك تختلف عن بعضها البعض؟ ما الذي يميز
ألوانها، وأشكالها وروائحها ومذاقاتها؟ لماذا تكون إحدى المواد ناعمة
والأخرى صلبة والثالثة سائلة؟ استنادا إلى ما قرأته حتى الآن، فقد تجيب على
هذه الأسئلة بقولك: ''إن الاختلافات الموجودة بين ذراتها هي السبب في
ذلك''• ولكن هذه الإجابة غير كافية، لأنه لو كانت الذرات هي السبب في تلك
الاختلافات، لكان يجب أن تكون هناك بلايين الذرات التي تحمل خواص مختلفة عن
بعضها البعض• ومن الناحية العملية، لا تسير الأمور على هذا النحو• إذ إن
هناك مواد عديدة تبدو مختلفة وتحمل خواص مختلفة على الرغم من احتوائها على
الذرات نفسها• ويرجع السبب في ذلك إلى اختلاف الترابطات الكيميائية التي
تكونها الذرات فيما بينها لكي تصبح جزيئات•
وتعتبر الجزيئات الخطوة
الثانية بعد الذرات في الطريق إلى المادة· وتمثل الجزيئات أصغر الوحدات
التي تحدد الخواص الكيميائية للمادة· وتتكون هذه الأجسام الصغيرة من ذرتين
أو أكثر، وبعضها يتكون من آلاف المجموعات من الذرات· وتتماسك الذرات ببعضها
البعض داخل الجزيئات بواسطة ترابطات كيميائية تحددها قوة الجذب
الكهرومغناطيسية، مما يعني أن هذه الترابطات تتكون على أساس الشحنات
الكهربائية للذرات· وتتحدد الشحنات الكهربائية للذرات، بدورها، بواسطة
الإلكترونات الموجودة على الغلاف الخارجي· ويؤدي ترتيب الجزيئات في اتحادات
مختلفة إلى تنوع المادة الذي نراه حولنا· وتبرز عند هذه النقطة بالذات
أهمية الترابطات الكيميائية التي تشكل جوهر تنوع المادة ·
الترابطات الكيميائية
كما
فسرنا آنفا، تتكون الترابطات الكيميائية من خلال حركة الإلكترونات في
الأغلفة الإلكترونية الخارجية للذرات· وتميل كل ذرة إلى ملء غلافها الخارجي
بأقصى عدد من الإلكترونات تستطيع أن تستوعبه· وأقصى عدد من الإلكترونات
يمكن أن تحتفظ به الذرة في أغلفتها الخارجية هو (
إلكترونات· وللوصول إلى هذا العدد، إما أن تستقبل الذرات إلكترونات من
ذرات أخرى لتستكمل الثمانية إلكترونات في أغلفتها الخارجية، وإما أن يكون
لديها عدد أقل من الإلكترونات في أغلفتها الخارجية، فتعطيها لذرة أخرى، مما
يؤدي إلى تكوين غلاف فرعي تم استكماله من قبل في مداراته الخارجية· ويعتبر
ميل الذرات إلى تبادل الإلكترونات القوة الأساسية المحرضة على الترابطات
الكيميائية التي تكونها فيما بينها ·
وتجدر الإشارة إلى أن هذه
القوة الدافعة - أي هدف الذرات المتمثل في زيادة عدد الإلكترونات في
أغلفتها الخارجية إلى الحد الأقصى - تحث الذرة على تكوين ثلاثة أنواع من
الترابطات مع الذرات الأخرى، هي: الترابط الأيوني ionic bond ، والترابط
التساهمي covalent bond ، والترابط المعدني metallic bond.
وفي
العادة، تعمل بين الجزيئات ترابطات خاصة تندرج تحت العنوان العام
''الترابطات الضعيفة weak bonds وتتسم هذه الترابطات بأنها أضعف من
الترابطات التي تكونها الذرات من أجل تشكيل الجزيئات، لأن الجزيئات تحتاج
إلى مزيد من التركيبات المرنة لتشكيل المادة ·
دعونا الآن نبحث، باختصار، في خواص هذه الترابطات وكيفية تكونها ·
الترابطات الأيونية
تقوم
الذرات المتحدة بواسطة هذا الترابط بمقايضة الإلكترونات فيما بينها لتصل
بعدد الإلكترونات في أغلفتها الخارجية إلى ثمانية إلكترونات· وتقوم الذرات
التي لديها ما يصل إلى أربعة إلكترونات في أغلفتها الخارجية بإعطاء هذه
الإلكترونات إلى الذرة التي ستتحد معها، أي التي ستترابط معها· في حين تقوم
الذرات التي لديها أكثر من أربعة إلكترونات في أغلفتها الخارجية باستقبال
الإلكترونات من الذرات التي ستترابط معها· وتتميز الجزيئات التي تتكون
نتيجة لهذا النوع من الترابطات بتركيبات بلورية (تكعيبية)· وتجدر الإشارة
إلى أن جزيئات ملح الطعام المألوف (كلوريد الصوديوم) هي من بين المواد التي
تتكون بواسطة هذه الرابطة· ولكن، ما سبب وجود هذا الميل لدى الذرات؟ وماذا
كان يحدث لو لم يكن لديها هذا الميل؟
حتى
اليوم، لا يمكن تعريف الترابطات التي تكونها الذرات إلا بعبارات عامة جدا·
ولم يُفهم حتى الآن السبب في تقيد الذرات بهذا المبدإ· هل يمكن أن يكون
السبب هو أن الذرات قررت بنفسها أن عدد الإلكترونات في أغلفتها الخارجية
يجب أن يكون ثمانية؟ بالقطع لا، ذلك أن حدوث سلوك بمثل هذا القدر من الحسم
يتخطى قدرات الذرة، لأنها لا تملك أي ذكاء أو إرادة أو وعي· ويعتبر هذا
العدد مفتاحا لاتحاد الذرات من أجل تكوين الجزيئات التي تشكل الخطوة الأولى
في خلق المادة وخلق الكون في النهاية· ولو لم يكن لدى الذرات مثل هذا
الميل وفقا لهذا المبدإ، لما كان هناك وجود للجزيئات، وبالتالي، للمادة·
ولكن، منذ اللحظة الأولى لخلق الذرات وهي تعمل بفضل هذا الميل على تكوين
الجزيئات والمادة بطريقة متقنة ·
الترابطات التساهمية
واجه
العلماء الذين درسوا الترابطات بين الذرات وضعا مشوقا· ففي حين أن بعض
الذرات تقايض الإلكترونات من أجل تكوين الترابطات، يتقاسم البعض الآخر
الإلكترونات في أغلفته الخارجية· وقد كشف المزيد من البحث أن العديد من
الجزيئات التي تحظى بأهمية حاسمة في الحياة تدين بوجودها إلى هذه الترابطات
''التساهمية ''·
تختلف
الترابطات القائمة بين ذرات المعادن اختلافا كبيرا عن أشكال الترابطات
الكيميائية الأخرى، إذ تسهم كل ذرة معدن بإلكتروناتها الخارجية في مجموعة
مشتركة. ويفسر "هذا البحر من الإلكترونات" خاصية أساسية في المعادن، ألا
وهي قدرتها على توصيل الكهرباء.
دعونا
نعطي مثالا بسيطا لتفسير الترابطات التساهمية بشكل أفضل· كما ذكرنا آنفا في
موضوع الأغلفة الإلكترونية، يمكن أن تحمل الذرات إلكترونين بحد أقصى في
أغلفتها الإلكترونية الداخلية· وتحتوي ذرة الهيدروجين على إلكترون واحد
وتميل إلى زيادة عدد إلكتروناتها إلى اثنين لتصبح ذرة مستقرة· لذلك، تكون
ذرة الهيدروجين ترابطا تساهميا مع ذرة هيدروجين ثانية· ويعني ذلك أن ذرتي
الهيدروجين تتقاسمان إلكترونهما الوحيد بوصفه إلكترونا ثانيا· وبالتالي،
يتكون جزيء (H2) ·26
إذا تجمع عدد كبير من الذرات عن طريق تقاسم
الإلكترونات فيما بينها، يسمى ذلك ''بالترابط المعدني''· إن المعادن مثل
الحديد والنحاس والزنك والألومنيوم ···إلخ· التي تشكل المادة الخام للعديد
من الأدوات والآلات التي نراها حولنا أو نستخدمها في حياتنا اليومية، قد
اكتسبت قواماً واقعياً وملموساً نتيجة للترابطات المعدنية التي كونتها
الذرات التي تتألف منها ·
ولا يستطيع العلماء الإجابة على السؤال
التالي: لماذا يوجد مثل هذا الميل لدى الإلكترونات الموجودة في أغلفة
الذرات؟ إذ تدين الكائنات الحية بوجودها، على نحو مثير جدا، إلى هذا الميل ·
هل تساءلت عن عدد المركبات المختلفة التي تستطيع هذه الترابطات أن تكونها؟
تنتج
في المختبرات مركبات جديدة كل يوم· وفي الوقت الحالي، يمكن التحدث عن نحو
مليوني مركب تقريبا· ويمكن أن يكون أبسط مركب كيميائي بالصغر نفسه لجزيء
الهيدروجين، في حين توجد مركبات أخرى تتكون من ملايين الذرات·
لمواد
الخام في الكون والجدول الدوري: يوجد 92 عنصراً حراً في الطبيعة و17 عنصرا
تتكون صناعيا في المختبرات أو في التفاعلات النووية، ويتم ترتيب هذه
العناصر وفقا لعدد بروتوناتها في جدول يسمى "الجدول الدوري". وللوهلة
الأولى، قد يبدو أن الجدول الدوري مجموعة مربعات تحوي حرفا أو حرفين
بالإضافة إلى أعداد في الزوايا العليا والسفلى. ومع ذلك، فإن ما يثير
الاهتمام حقا هو أن هذا الجدول يستوعب عناصر الكون بأكمله بما في ذلك
الهواء الذي نتنفسه، وأجسامنا كذلك. ذرة الكاربون
ولكن، ما
هو الحد الأقصى من المركبات المختلفة الذي يستطيع العنصر أن يكونه؟ إن
الإجابة على هذا السؤال مشوقة جدا لأنه، من ناحية، توجد عناصر معينة لا
تتفاعل مع أي عناصر أخرى (الغازات الخاملة)، في حين توجد، من ناحية أخرى،
ذرة الكربون التي تستطيع أن تكون 1,700,000مركب· وكما ورد آنفاً، يصل
إجمالي عدد المركبات إلى نحو مليوني مركب· وتكون 108 عناصر من إجمالي 109
عناصر 300,000مركب· ومع ذلك، يكون الكربون وحده 1,700,000مركب بطريقة
مدهشة جداً ·
وحدة بناء الحياة: ذرة "الكربون"
يعتبر
الكربون أكثر العناصر حيوية بالنسبة إلى الكائنات الحية، لأن جميع
الكائنات الحية تتركب من مركبات الكربون· ولن تكفي صفحات عديدة لوصف خواص
ذرة الكربون، التي تلعب دورا مهما للغاية في وجودنا، كما أن علم الكيمياء
لم يتمكن حتى الآن من كشف جميع خواصها· وسنذكر هنا فقط بضعا من خواص
الكربون المهمة جداً ·
تتكون تركيبات متنوعة مثل غشاء
الخلية، وقرون ظبي الإلكة، وجذع الشجر الأحمر ,doowdeوعدسة العين وسم
العنكبوت من مركبات الكربون· وينتج عن اتحاد الكربون بالهيدروجين والأكسجين
والنيتروجين - بكميات وترتيبات هندسية عديدة ومختلفة - تشكيلة ضخمة من
المواد التي يوجد اختلاف هائل بين خواصها· إذن، ما هو السبب في قدرة
الكربون على تكوين نحو 1,7مليون مركب؟
؟ تتمثل إحدى أهم خواص
الكربون في قدرته على تكوين سلاسل كيميائية بسهولة كبيرة من خلال صف ذرات
الكربون الواحدة تلو الأخرى· وتتكون أقصر سلسلة كربونية من ذرتي كربون·
وعلى الرغم من عدم وجود رقم محدد لعدد الكربونات التي تتألف منها أطول
سلسلة كربونية، فيمكننا أن نتحدث عن سلسلة بها سبعون حلقة· وإذا علمنا أن
الذرة التي تستطيع أن تكوِّن أطول سلسلة بعد ذرة الكربون هي ذرة السليكون
التي تكون ست حلقات، سندرك بشكل أفضل الوضع غير العادي لذرة الكربون
ويرجع
السبب في قدرة الكربون على تكوين سلاسل متعددة الحلقات إلى أن سلاسله ليست
كلها طولية، فقد تكون السلاسل متفرعة، كما يمكن أيضا أن تشكل مضلعات
polygons.
وعند هذه النقطة، يلعب شكل السلسلة دورا مهما جدا· ففي
مركبين من الكربون، على سبيل المثال، إذا كان عدد ذرات الكربون متساويا في
كل منهما ولكن الاتحاد تم في سلاسل مختلفة الأشكال، ستتكون مادتان
مختلفتان· وتنتج عن خصائص ذرة الكربون المذكورة آنفاً جزيئات تلعب دورا
بالغ الأهمية في الحياة · وتتكون بعض جزيئات مركبات الكربون من بضع ذرات
فقط؛ في حين تتكون جزيئات أخرى من آلاف بل حتى ملايين الذرات· ولا يوجد
كذلك عنصر آخر مثل الكربون تتعدد استخداماته في تكوين جزيئات بمثل هذا
القدر من التحمل والاستقرار· وسنستشهد هنا بكلمات ديفيد بيرني David Burnie
الواردة في كتابه الذي يحمل عنوان الحياة Life:
ثلاثة جزيئات متشابهة
لنتيجة: ثلاث مواد شديدة الاختلاف
يؤدي أي اختلاف في بضع ذرات بين الجزيئات إلى نتائج مختلفة للغاية. تمعن مثلا، في الجزيئين المكتوبين أدناه. يبدو كلاهما مشابها جدا للآخر باستثناء اختلافات صغيرة للغاية في عنصري الكربون والهيدروجين في كل منهما. وتكون النتيجة مادتين متضادتين تماما:
C18H24O2 و C19H28O2
هل تستطيع أن تخمن ماهية هذين الجزيئين؟ دعنا نخبرك على الفور: الأول هو الإستروجين والآخر هو التستوستيرون. ويعني ذلك أن الأول هو الهرمون المسؤول عن خصائص الأنوثة وأن الثاني هو الهرمون المسؤول عن خصائص الذكورة. والأمر المثير للاهتمام هنا هو أنه حتى وجود اختلاف واحد في بضع ذرات يمكن أن يسبب اختلافات .
والآن إلقِ نظرة على الصيغة الموضحة أدناه
C6H12O2
ألا يبدو هذا الجزيء شديد الشبه بجزيئات هرموني الإستروجين والتستوستيرون؟ ولكن، ما هو هذا الجزيء؟ هل هو هرمون آخر؟ دعنا نجيب في الحال: هذا هو جزيء السكر.
ومن خلال أمثلة الجزيئات الثلاثة السابقة المكونة من عناصر من ذات النوع، يظهر بوضوح شديد كم هي متنوعة المواد التي يمكن أن تنتج عن الاختلاف في عدد الذرات. فمن ناحية، توجد الهرمونات المسؤولة عن الخصائص الجنسية، ومن ناحية أخرى، يوجد السكر، وهو طعام أساسي.
الماس حجر ثمين للغاية، وهو أحد مشتقات الكربون الذي يوجد عادة في الطبيعة في غير ذلك من الأحوال في شكل جرافيت.
الكربون عنصر غير عادي على الإطلاق· وبدون وجود الكربون وخواصه غير العادية، كان من المستبعد أن توجد حياة على الأرض''·29
وفيما
يتعلق بأهمية الكربون بالنسبة إلى الكائنات الحية، كتب الكيميائي
البريطاني نيفيل سيدويك Nevil Sidgwick في كتابه العناصر الكيميائية
ومركباتها Chemical Elements and Their Compounds ما يلي :
''يعتبر
الكربون عنصراً فريداً من بين العناصر من حيث عدد المركبات التي يمكن أن
يكونها وتنوعها· فقد تم فعليا فصل أكثر من ربع مليون مركب ووصفها ، ولكن
هذا يعطي فكرة ناقصة جدا عن قواه، لأنه يشكل أساسا لكل أشكال المادة
الحية''·30
ويعرف نوع المركبات المكوَّن فقط من الكربون والهيدروجين
باسم ''الهيدروكربونات '' "hydrocarbons". ويشمل هذا النوع عائلة ضخمة من
المركبات تتضمن الغاز الطبيعي، والنفط السائل، والكيروسين وزيوت التشحيم·
ويشكل اثنان من مركبات الهيدروكربونات هما الإيثيلين والبروبلين أساس
الصناعة البتروكيمياوية· وتعتبر بعض الهيدروكربونات مثل البنزين والتولوين
والتربنتين مواد مألوفة بالنسبة إلى أي شخص يستخدم الطلاء· ويعتبر
النفتالين الذي يحمي ملابسنا من العثة شكلا آخر من أشكال الهيدروكربونات·
وتكوِّن الهيدروكربونات التي تتحد مع الكلورين والفلورين مواد التخدير،
والمواد الكيميائية المستخدمة في مطافئ الحريق والفريونات المستخدمة في
التبريد ·
وكما وضح الكيميائي سيدويك آنفا، فإن العقل البشري غير
قادر على إدراك إمكانيات هذه الذرة المكونة فقط من ستة بروتونات وستة
نيوترونات وستة إلكترونات· ومن المستحيل حتى بالنسبة إلى خاصية واحدة من
خواص هذه الذرة، التي لا غنى عنها في الحياة، أن تتكون بالمصادفة· فقد خلق
الله ذرة الكربون، مثل كل شيء آخر، بطريقة تجعلها قادرة على التكيف المتقن
مع أجسام الكائنات الحية
ماذا سيحدث إذا تفاعلت على الفور كل ذرة موجودة على مقربة من ذرة أخرى؟
لقد
قلنا للتو إن الكون كله يتكون من تفاعل ذرات 109 عناصر مختلفة. وهنا، لابد
أن نذكر نقطة معينة، ألا وهي أن هناك شرطاً مهماً جداً ينبغي استيفاؤه لكي
يبدأ التفاعل.
فعلى سبيل المثال، لايتكون الماء كلما اجتمع
الأكسجين مع الهيدروجين، ولا يصدأ الحديد بمجرد أن يلامس الهواء. ذلك أنه
لو سارت الأمور على هذا النحو، لَتحول الحديد، هذا المعدن الصلب واللامع،
خلال بضع دقائق إلى أكسيد الحديدوز، وهو مسحوق ناعم، ولما بقي على الأرض أي
شيء يمكن أن يطلق عليه معدن ولاختل نظام العالم اختلالاً كبيراً. ولو كانت
الذرات الموضوعة على مقربة من بعضها البعض على بعد مسافة معينة تتحد على
الفور دون أن تستوفي شروطاً معينة، لتفاعلت ذرات أي مادتين مختلفتين في
الحال. وفي تلك الحالة، سيستحيل عليك حتى أن تجلس على كرسي، لأن الذرات
المكونة للكرسي ستتفاعل فورا مع الذرات المكونة لجسمك وسوف تصبح كياناً بين
الكرسي والإنسان (!). ولاشك في أن الحياة في مثل هذا العالم ستكون
مستحيلة. ولكن، كيف يمكن تفادي هذه النهاية؟
فلنضرب مثالاً: تتفاعل
جزيئات الهيدروجين والأكسجين ببطء شديد عند درجة حرارة الغرفة، مما يعني أن
الماء يتكون ببطء شديد عند درجة حرارة الغرفة. ولكن كلما ارتفعت درجة
حرارة الغرفة ازدادت أيضا طاقات الجزيئات وتسارع التفاعل، وبالتالي تكوَّن
الماء بسرعة أكبر.
ويطلق على الحد الأدنى من الطاقة اللازم لتفاعل
الجزيئات مع بعضها البعض "طاقة التنشيط" "energy activation ". وعلى سبيل
المثال، لكي تتفاعل جزيئات الهيدروجين والأكسجين مع بعضها البعض لتكوِّن
الماء، يجب أن تكون طاقاتها أعلى من طاقة التنشيط.
فكر قليلا. لو
كانت درجة الحرارة على الأرض أعلى قليلا، لتفاعلت الذرات بسرعة كبيرة جدا،
مما يعني تدمير التوازن الموجود في الطبيعة. ولو كان العكس صحيحا، أي كانت
درجة الحرارة على الأرض أقل بعض الشيء، لتفاعلت الذرات ببطء شديد، مما يعني
الإخلال أيضا بالتوازن الموجود في الطبيعة. ويتضح مما سبق أن المسافة
الفاصلة بين الأرض والشمس ملائمة تماماً لإبقاء الحياة على الأرض. وبالطبع،
لا تنتهي التوازنات الدقيقة اللازمة للحياة عند هذا الحد. ذلك أن ميل محور
الأرض، وكتلتها، ومساحة سطحها، ونسب الغازات الموجودة في غلافها الجوي،
والمسافة بين الأرض والقمر الذي يدور حولها، وعوامل عديدة أخرى يجب أن تكون
مماثلة لمقاديرها الحالية بالضبط حتى تتمكن الكائنات الحية من البقاء على
قيد الحياة. ويشير هذا إلى حقيقة أن كل هذه العوامل لا يمكن أن تكون قد
تشكلت تدريجيا بمحض المصادفة وأنها جميعا من خلق الله، مالك القوة الفائقة،
الذي يعرف كل خواص الكائنات الحية.
وكما هو معتاد، فخلال تلك
العمليات، لا يتعدى دور العلم تسمية القوانين الفيزيائية التي يلاحظها.
وكما شرحنا في البداية، ففي حالة هذه الظواهر، تصبح أسئلة مثل "ماذا؟"،
و"كيف؟"، و"بأية طريقة؟" غير ذات أهمية. إذ إن ما يمكننا أن نتوصل إليه من
خلال تلك الأسئلة ينحصر فقط حول تفاصيل قانون موجود بالفعل. أما الأسئلة
الأساسية التي يجب أن تطرح فهي: "لماذا؟" و"من الذي ابتكر هذا القانون؟"
وما زالت إجابة هذه الأسئلة تشكل لغزا بالنسبة إلى العلماء الذين يلتزمون
بشكل أعمى بعقائدهم المادية.
وعند هذه النقطة، حيث يصل الماديون إلى
طريق مسدود، تصبح الصورة واضحة جدا بالنسبة إلى الشخص الذي يتأمل الأحداث
بعقله وضميره. ذلك أن التوازنات الموجودة في الكون التي لا تشوبها شائبة،
والتي لا يمكن أن يتم تفسيرها من خلال المصادفات، نشأت بأمر من عقل وإرادة
فائقة، وأنه قد خلق كل شيء وفقا لحسابات، وترتيبات، وتوازنات دقيقة جدا.
الترابطات ما بين الجزيئات:الترابطات الضعيفة
تتسم
الترابطات التي توجد بين ذرات الجزيئات بقوتها الكبيرة مقارنة بهذه
الترابطات الضعيفة ما بين الجزيئات· ولكن هذه الترابطات يمكن أن تساعد في
تكوين ملايين، بل بلايين الأنواع من الجزيئات ·
حسنا، كيف تتحد الجزيئات لتكون المادة؟
حسنا، كيف تتحد الجزيئات لتكون المادة؟ وبما أن الجزيئات تستقر بعد تكوينها، فإنها لن تقايض الذرات بعد ذلك ·
إذن، ما الذي يربطها ببعضها البعض؟
ي
محاولة للإجابة على هذا السؤال، وضع الكيميائيون نظريات مختلفة· وقد أوضحت
البحوث أن الجزيئات تستطيع أن تتحد بطرق مختلفة حسب خواص الذرات التي
تتركب منها ·
وتحظى هذه الترابطات بأهمية بالغة في الكيمياء
العضوية، أي كيمياء الكائنات الحية، لأن معظم الجزيئات المهمة لتشكيل
الحياة تتكون بسبب قدرة هذه الجزيئات على تكوين هذه الترابطات· دعونا نأخذ
مثال البروتينات· سنجد أن البروتينات التي تمثل وحدات بناء الكائنات الحية
تتسم بأشكال معقدة ثلاثية الأبعاد، تتكون بسبب هذه الترابطات· ويعني هذا أن
الحاجة إلى الترابط الكيميائي الضعيف بين الجزيئات ليست أقل من الحاجة إلى
الترابط الكيميائي القوي بين الذرات لتكوين الحياة· ومما لا شك فيه أن قوة
هذه الترابطات ينبغي أن تخضع لمعايير معينة ·
ويمكننا أن نستكمل
مثال البروتين· إذ تتحد جزيئات تسمى الأحماض الأمينية amino acids لتكوين
البروتينات، التي هي جزيئات أكبر بكثير· وتتحد الذرات المكونة للأحماض
الأمينية بواسطة ترابطات تساهمية· وتعمل الترابطات الضعيفة على اتحاد هذه
الأحماض الأمينية بطريقة تجعلها تشكل أنماطا ثلاثية الأبعاد· ولا تستطيع
البروتينات أن تؤدي وظائفها في الكائنات الحية إلا إذا كانت تتسم بهذه
الأنماط ثلاثية الأبعاد· لذلك، لو لم يكن هناك وجود لهذه الترابطات، لما
وجدت البروتينات، وبالتالي، لما وجدت الحياة ·
ينبغي
أن يكون للبروتينات شكل خاص ثلاثي الأبعاد حتى تؤدي أدوارها الحيوية في
أجسامنا. وتكوِّن الترابطات الضعيفة بين الجزيئات هذه التركيبات.
ويؤدي
الترابط ''الهيدروجيني''، الذي هو نوع من الترابطات الضعيفة، دورا رئيسا
في تكوين المواد التي تحظى بأهمية بالغة في حياتنا· فمثلا، تتحد الجزيئات
المكونة للماء، الذي يشكل أساس الحياة، بواسطة الترابط الهيدروجيني ·
ماذا سيحدث إذا تفاعلت على الفور كل ذرة موجودة على مقربة من ذرة أخرى؟
لقد قلنا للتو إن الكون كله يتكون من تفاعل ذرات 109 عناصر مختلفة. وهنا، لابد أن نذكر نقطة معينة، ألا وهي أن هناك شرطاً مهماً جداً ينبغي استيفاؤه لكي يبدأ التفاعل.
فعلى سبيل المثال، لايتكون الماء كلما اجتمع الأكسجين مع الهيدروجين، ولا يصدأ الحديد بمجرد أن يلامس الهواء. ذلك أنه لو سارت الأمور على هذا النحو، لَتحول الحديد، هذا المعدن الصلب واللامع، خلال بضع دقائق إلى أكسيد الحديدوز، وهو مسحوق ناعم، ولما بقي على الأرض أي شيء يمكن أن يطلق عليه معدن ولاختل نظام العالم اختلالاً كبيراً. ولو كانت الذرات الموضوعة على مقربة من بعضها البعض على بعد مسافة معينة تتحد على الفور دون أن تستوفي شروطاً معينة، لتفاعلت ذرات أي مادتين مختلفتين في الحال. وفي تلك الحالة، سيستحيل عليك حتى أن تجلس على كرسي، لأن الذرات المكونة للكرسي ستتفاعل فورا مع الذرات المكونة لجسمك وسوف تصبح كياناً بين الكرسي والإنسان (!). ولاشك في أن الحياة في مثل هذا العالم ستكون مستحيلة. ولكن، كيف يمكن تفادي هذه النهاية؟
فلنضرب مثالاً: تتفاعل جزيئات الهيدروجين والأكسجين ببطء شديد عند درجة حرارة الغرفة، مما يعني أن الماء يتكون ببطء شديد عند درجة حرارة الغرفة. ولكن كلما ارتفعت درجة حرارة الغرفة ازدادت أيضا طاقات الجزيئات وتسارع التفاعل، وبالتالي تكوَّن الماء بسرعة أكبر.
ويطلق على الحد الأدنى من الطاقة اللازم لتفاعل الجزيئات مع بعضها البعض "طاقة التنشيط" "energy activation ". وعلى سبيل المثال، لكي تتفاعل جزيئات الهيدروجين والأكسجين مع بعضها البعض لتكوِّن الماء، يجب أن تكون طاقاتها أعلى من طاقة التنشيط.
فكر قليلا. لو كانت درجة الحرارة على الأرض أعلى قليلا، لتفاعلت الذرات بسرعة كبيرة جدا، مما يعني تدمير التوازن الموجود في الطبيعة. ولو كان العكس صحيحا، أي كانت درجة الحرارة على الأرض أقل بعض الشيء، لتفاعلت الذرات ببطء شديد، مما يعني الإخلال أيضا بالتوازن الموجود في الطبيعة. ويتضح مما سبق أن المسافة الفاصلة بين الأرض والشمس ملائمة تماماً لإبقاء الحياة على الأرض. وبالطبع، لا تنتهي التوازنات الدقيقة اللازمة للحياة عند هذا الحد. ذلك أن ميل محور الأرض، وكتلتها، ومساحة سطحها، ونسب الغازات الموجودة في غلافها الجوي، والمسافة بين الأرض والقمر الذي يدور حولها، وعوامل عديدة أخرى يجب أن تكون مماثلة لمقاديرها الحالية بالضبط حتى تتمكن الكائنات الحية من البقاء على قيد الحياة. ويشير هذا إلى حقيقة أن كل هذه العوامل لا يمكن أن تكون قد تشكلت تدريجيا بمحض المصادفة وأنها جميعا من خلق الله، مالك القوة الفائقة، الذي يعرف كل خواص الكائنات الحية.
وكما هو معتاد، فخلال تلك العمليات، لا يتعدى دور العلم تسمية القوانين الفيزيائية التي يلاحظها. وكما شرحنا في البداية، ففي حالة هذه الظواهر، تصبح أسئلة مثل "ماذا؟"، و"كيف؟"، و"بأية طريقة؟" غير ذات أهمية. إذ إن ما يمكننا أن نتوصل إليه من خلال تلك الأسئلة ينحصر فقط حول تفاصيل قانون موجود بالفعل. أما الأسئلة الأساسية التي يجب أن تطرح فهي: "لماذا؟" و"من الذي ابتكر هذا القانون؟" وما زالت إجابة هذه الأسئلة تشكل لغزا بالنسبة إلى العلماء الذين يلتزمون بشكل أعمى بعقائدهم المادية.
وعند هذه النقطة، حيث يصل الماديون إلى طريق مسدود، تصبح الصورة واضحة جدا بالنسبة إلى الشخص الذي يتأمل الأحداث بعقله وضميره. ذلك أن التوازنات الموجودة في الكون التي لا تشوبها شائبة، والتي لا يمكن أن يتم تفسيرها من خلال المصادفات، نشأت بأمر من عقل وإرادة فائقة، وأنه قد خلق كل شيء وفقا لحسابات، وترتيبات، وتوازنات دقيقة جدا.
لقد قلنا للتو إن الكون كله يتكون من تفاعل ذرات 109 عناصر مختلفة. وهنا، لابد أن نذكر نقطة معينة، ألا وهي أن هناك شرطاً مهماً جداً ينبغي استيفاؤه لكي يبدأ التفاعل.
فعلى سبيل المثال، لايتكون الماء كلما اجتمع الأكسجين مع الهيدروجين، ولا يصدأ الحديد بمجرد أن يلامس الهواء. ذلك أنه لو سارت الأمور على هذا النحو، لَتحول الحديد، هذا المعدن الصلب واللامع، خلال بضع دقائق إلى أكسيد الحديدوز، وهو مسحوق ناعم، ولما بقي على الأرض أي شيء يمكن أن يطلق عليه معدن ولاختل نظام العالم اختلالاً كبيراً. ولو كانت الذرات الموضوعة على مقربة من بعضها البعض على بعد مسافة معينة تتحد على الفور دون أن تستوفي شروطاً معينة، لتفاعلت ذرات أي مادتين مختلفتين في الحال. وفي تلك الحالة، سيستحيل عليك حتى أن تجلس على كرسي، لأن الذرات المكونة للكرسي ستتفاعل فورا مع الذرات المكونة لجسمك وسوف تصبح كياناً بين الكرسي والإنسان (!). ولاشك في أن الحياة في مثل هذا العالم ستكون مستحيلة. ولكن، كيف يمكن تفادي هذه النهاية؟
فلنضرب مثالاً: تتفاعل جزيئات الهيدروجين والأكسجين ببطء شديد عند درجة حرارة الغرفة، مما يعني أن الماء يتكون ببطء شديد عند درجة حرارة الغرفة. ولكن كلما ارتفعت درجة حرارة الغرفة ازدادت أيضا طاقات الجزيئات وتسارع التفاعل، وبالتالي تكوَّن الماء بسرعة أكبر.
ويطلق على الحد الأدنى من الطاقة اللازم لتفاعل الجزيئات مع بعضها البعض "طاقة التنشيط" "energy activation ". وعلى سبيل المثال، لكي تتفاعل جزيئات الهيدروجين والأكسجين مع بعضها البعض لتكوِّن الماء، يجب أن تكون طاقاتها أعلى من طاقة التنشيط.
فكر قليلا. لو كانت درجة الحرارة على الأرض أعلى قليلا، لتفاعلت الذرات بسرعة كبيرة جدا، مما يعني تدمير التوازن الموجود في الطبيعة. ولو كان العكس صحيحا، أي كانت درجة الحرارة على الأرض أقل بعض الشيء، لتفاعلت الذرات ببطء شديد، مما يعني الإخلال أيضا بالتوازن الموجود في الطبيعة. ويتضح مما سبق أن المسافة الفاصلة بين الأرض والشمس ملائمة تماماً لإبقاء الحياة على الأرض. وبالطبع، لا تنتهي التوازنات الدقيقة اللازمة للحياة عند هذا الحد. ذلك أن ميل محور الأرض، وكتلتها، ومساحة سطحها، ونسب الغازات الموجودة في غلافها الجوي، والمسافة بين الأرض والقمر الذي يدور حولها، وعوامل عديدة أخرى يجب أن تكون مماثلة لمقاديرها الحالية بالضبط حتى تتمكن الكائنات الحية من البقاء على قيد الحياة. ويشير هذا إلى حقيقة أن كل هذه العوامل لا يمكن أن تكون قد تشكلت تدريجيا بمحض المصادفة وأنها جميعا من خلق الله، مالك القوة الفائقة، الذي يعرف كل خواص الكائنات الحية.
وكما هو معتاد، فخلال تلك العمليات، لا يتعدى دور العلم تسمية القوانين الفيزيائية التي يلاحظها. وكما شرحنا في البداية، ففي حالة هذه الظواهر، تصبح أسئلة مثل "ماذا؟"، و"كيف؟"، و"بأية طريقة؟" غير ذات أهمية. إذ إن ما يمكننا أن نتوصل إليه من خلال تلك الأسئلة ينحصر فقط حول تفاصيل قانون موجود بالفعل. أما الأسئلة الأساسية التي يجب أن تطرح فهي: "لماذا؟" و"من الذي ابتكر هذا القانون؟" وما زالت إجابة هذه الأسئلة تشكل لغزا بالنسبة إلى العلماء الذين يلتزمون بشكل أعمى بعقائدهم المادية.
وعند هذه النقطة، حيث يصل الماديون إلى طريق مسدود، تصبح الصورة واضحة جدا بالنسبة إلى الشخص الذي يتأمل الأحداث بعقله وضميره. ذلك أن التوازنات الموجودة في الكون التي لا تشوبها شائبة، والتي لا يمكن أن يتم تفسيرها من خلال المصادفات، نشأت بأمر من عقل وإرادة فائقة، وأنه قد خلق كل شيء وفقا لحسابات، وترتيبات، وتوازنات دقيقة جدا.
ينبغي أن يكون للبروتينات شكل خاص ثلاثي الأبعاد حتى تؤدي أدوارها الحيوية في أجسامنا. وتكوِّن الترابطات الضعيفة بين الجزيئات هذه التركيبات.
الفصل الثالث
الجزيء المعجزة: الماء
إن
السائل الذي اختير دون غيره للحياة - ''الماء'' - يغطي ثلثي أرضنا· وتتكون
أجسام كل الكائنات الحية على الأرض من هذا السائل الخاص جدا بنسبة تتراوح
بين 50% إلى 95%· ومن البكتيريا التي تعيش في ينابيع تقترب فيها درجة
الحرارة من درجة غليان الماء، إلى بعض الطحالب الخاصة التي توجد على أسطح
الأنهار الجليدية الذائبة، توجد الحياة في كل مكان يوجد فيه ماء، مهما كانت
درجة الحرارة· فحتى في قطيرة الماء المتدلية من ورقة النبات بعد المطر،
تظهر آلاف الكائنات الحية المجهرية، وتتكاثر، وتموت ·
كيف
كانت الأرض ستبدو لو لم يكن هناك ماء؟ لا شك في أن الصحاري ستغطي كل مكان
في الأرض، وستحل الهاويات والحفر المروعة مكان البحار، وستبدو السماء بلا
غيوم وسيكون لونها غريبا ·
وفي الواقع، من الصعب جدا أن يتكون
الماء، أساس الحياة على الأرض· في البداية، دعونا نتخيل أن جزيئي
الهيدروجين والأكسجين، المكونين للماء، قد وضعا في آنية زجاجية· ودعونا
نتركهما في تلك الآنية لفترة طويلة جدا· قد لا يكوّن الغازان ماء حتى إذا
بقيا في الآنية لمئات السنين· وحتى إذا كوَّنا ماء، فلن تتكون سوى كمية
صغيرة جدا من الماء في قاع الآنية وسيتم ذلك على نحو بطيء جدا، وربما على
مدى آلاف السنين ·
ويرجع السبب في تكون الماء ببطء شديد في تلك
الظروف إلى درجة الحرارة، لأن الأكسجين والهيدروجين يتفاعلان ببطء شديد في
درجة حرارة الغرفة ·
ويوجد الأكسجين والهيدروجين، عندما يكونان
طليقين، في شكل جزيئيO2و H2 ولكي يتحد هذان الجزيئان ويكونان جزيء الماء،
ينبغي أن يتصادما· ونتيجة لهذا التصادم، تضعف الترابطات المكونة لجزيئي
الهيدروجين والأكسجين، وبذلك يزول أي عائق يعرقل اتحاد ذرات الأكسجين
بالهيدروجين· وترفع درجة الحرارة مستوى الطاقة، وبالتالي تزيد من سرعة هذين
الجزيئين، مما يؤدي إلى زيادة عدد التصادمات· ومن ثم، تُسرِّع درجة
الحرارة عملية التفاعل· ومع ذلك، لا توجد حاليا درجة حرارة عالية بالقدر
الكافي لتكوين جزيء الماء على الأرض· فقد توفرت الحرارة اللازمة لتكوين
الماء أثناء تكون الأرض، مما أدى إلى ظهور هذا القدر الهائل من الماء الذي
يغطى ثلاثة أرباع سطح الأرض· وفي الوقت الحاضر، يتبخر الماء ويرتفع إلى
الجو حيث يبرد، ثم يعود إلى الأرض في شكل أمطار· ويعني ذلك أنه لا توجد
زيادة في الكمية، وأن ما يحدث هو دورة دائمة ·
خواص الماء الخارقة
يتميز
الماء بالعديد من الخواص الكيميائية غير العادية· إذ يتكون كل جزيء من
جزيئات الماء نتيجة اتحاد ذرات الهيدروجين بذرات الأكسجين· ومن المثير جدا
أن هذين الغازين - اللذين أحدهما مشتعل والآخر قابل للاشتعال - يتحدان
ليكوِّنا سائلا، والأكثر إثارة أن هذا السائل هو الماء ·
والآن،
دعونا ندرس باختصار كيفية تكون الماء كيميائياً· إن شحنة الماء الكهربائية
تساوي صفراً، أي أن الماء متعادل الشحنة· ولكن نظراً لأحجام ذرات الأكسجين
والهيدروجين، تكون شحنة عنصر الأكسجين المكون لجزيء الماء سالبة بدرجة
بسيطة، في حين تكون شحنة عنصر الهيدروجين موجبة بدرجة بسيطة· وعندما يتكون
أكثر من جزيء واحد من الماء، تنجذب الشحنات الموجبة والسالبة إلى بعضها
البعض لتكون ترابطاً شديد الخصوصية يسمى ''الترابط الهيدروجيني''· ويتسم
الترابط الهيدروجيني بأنه ترابط ضعيف جدا وقصير الأمد بشكل يفوق الإدراك·
إذ يدوم الترابط الهيدروجيني فترة تبلغ جزءاً من مائة بليون جزء من
الثانية· ولكن بمجرد أن ينكسر الترابط، يتكون ترابط آخر· وهكذا، تلتحم
جزيئات الماء ببعضها البعض بإحكام مع احتفاظها في نفس الوقت بشكلها السائل
لأنها متحدة بترابط ضعيف ·
كما
تمنح الترابطات الهيدروجينية الماء أيضا القدرة على مقاومة التغيرات في
درجة الحرارة· فحتى إذا ارتفعت درجة حرارة الهواء فجأة، ترتفع درجة حرارة
الماء ببطء، وعلى نحو مشابه، إذا انخفضت درجة حرارة الهواء فجأة، تنخفض
درجة حرارة الماء ببطء· ولكي تحدث تغيرات جوهرية في درجة حرارة الماء لا بد
من حدوث تغيرات كبيرة في درجة الحرارة· وتجدر الإشارة هنا إلى أن الطاقة
الحرارية العالية جدا في الماء لها فوائد كبيرة في الحياة· وسنضرب هنا
مثالا بسيطا: توجد كمية كبيرة جدا من الماء في أجسامنا· ولو كان الماء
يتكيف مع التقلبات المفاجئة في درجة حرارة الجو بالمعدل نفسه، فإننا كنا
سنصاب فجأة بالحمى أو التجمد ·
وللسبب نفسه، يحتاج الماء إلى طاقة
حرارية ضخمة لكي يتبخر· وبما أن الماء يستهلك قدرا كبيرا من الطاقة
الحرارية أثناء التبخر، فإن درجة حرارته تنخفض· وسنضرب مثالا آخر من جسم
الإنسان: إن درجة حرارة الجسم العادية هي 36 درجة مئوية، وأعلى درجة حرارة
يمكن أن يتحملها جسمنا هي 42 درجة مئوية· ويعد فاصل الست درجات مئوية هذا
فاصلا صغيرا جدا، إذ إن العمل تحت الشمس لبضع ساعات يمكن أن يزيد درجة
حرارة الجسم بهذا القدر· ولكن أجسامنا تفقد كمية كبيرة جدا من الطاقة
الحرارية من خلال العرق، أي، عن طريق تبخير الماء الذي تحويه، مما يؤدي
بدوره إلى خفض درجة حرارة الجسم· ولو لم تمتلك أجسامنا مثل هذه الآلية
التلقائية، لكان العمل ولو حتى لبضع ساعات تحت الشمس مميتاً ·
وفوق
ذلك، يزود الترابط الهيدروجيني الماء بخاصية أخرى غير عادية تتمثل في
ازدياد لزوجة الماء في حالته السائلة عنها في حالته الصلبة· وفي الواقع،
تتسم معظم المواد على الأرض بأنها أكثر لزوجة في حالاتها الصلبة عنها في
حالاتها السائلة· ومع ذلك، فإننا نجد أن الماء، على عكس المواد الأخرى،
يتمدد عندما يتجمد· ويرجع ذلك إلى أن الترابطات الهيدروجينية تمنع التصاق
جزيئات الماء ببعضها البعض بإحكام زائد، وتترك بذلك فجوات عديدة فيما
بينها· وتنكسر الترابطات الهيدروجينية عندما يكون الماء في حالته السائلة،
مما يجعل ذرات الأكسجين تتقارب من بعضها البعض وتكوِّن تركيباً أكثر لزوجة
·
لو لم يكن لدى الماء خاصية التجمد من السطح إلى أسفل، لتجمدت نسبة كبيرة من البحار في غضون عام ولتعرضت الحياة البحرية للخطر.
ونتيجة
لذلك أيضاً يكون الثلج أخف من الماء· وفي العادة، إذا أذبت أي معدن وألقيت
فيه بضع قطع صلبة من المعدن نفسه، تهبط هذه القطع مباشرة إلى القاع· ومع
ذلك، فالوضع مختلف بالنسبة إلى الماء· ذلك أن الجبال الجليدية التي تزن
عشرات الآلاف من الأطنان تطفو على سطح الماء مثل السدادات الفلينية· حسنا،
ولكن ما الفائدة التي تعود علينا من خاصية الماء هذه؟
دعونا نجيب على
هذا السؤال بالمثال التالي للنهر: عندما يكون الماء باردا جدا، لا يتجمد
النهر بأكمله، وإنما يتجمد سطحه فقط· إذ يصل الماء إلى أثقل حالاته عند
درجة الحرارة +4 درجة مئوية، وبمجرد وصوله إلى درجة الحرارة هذه، يهبط على
الفور إلى القاع· ويتكون الجليد فوق الماء في شكل طبقة، وتحت هذه الطبقة،
يظل الماء جارياً· وبما أن الكائنات الحية تستطيع أن تبقى على قيد الحياة
عند الدرجة +4 درجة مئوية، تظل الحياة في الماء مستمرة ·
إن هذه
الخواص الفريدة التي وضعها الله في الماء تجعل الحياة على الأرض ممكنة· وقد
ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أهمية هذه النعمة العظيمة التي
وهبها للكائنات ( وجعلنا من الماء كل شيء حي )
خاصية مائية مثيرة للدهشة
كلنا
يعرف أن الماء يغلي عند درجة حرارة 100 درجة مئوية ويتجمد عند درجة حرارة
صفر درجة مئوية· وفي الواقع، يفترض، في الظروف العادية، ألا يغلي الماء عند
الدرجة 100 درجة مئوية وإنما عند الدرجة +180 درجة مئوية· لماذا؟
في
الجدول الدوري للعناصر، تتباين خواص العناصر في المجموعة نفسها على نحو
تصاعدي بدءا من العناصر الأخف إلى العناصر الأثقل· ويظهر هذا الترتيب بوضوح
شديد في مركبات الهيدروجين· وفي الجدول الدوري، تسمى مركبات العناصر التي
تشترك في المجموعة نفسها مع الأكسجين ''بالهيدريدات '' "hydrides". وفي
الواقع، فإن الماء هو ''هيدريد الأكسجين''·
كلنا يعرف أن الماء يغلي
عند درجة حرارة 100 درجة مئوية ويتجمد عند درجة حرارة صفر درجة مئوية· وفي
الواقع، يفترض، في الظروف العادية، ألا يغلي الماء عند الدرجة 100 درجة
مئوية وإنما عند الدرجة +180 درجة مئوية· لماذا؟ في الجدول الدوري للعناصر،
تتباين خواص العناصر في المجموعة نفسها على نحو تصاعدي بدءا من العناصر
الأخف إلى العناصر الأثقل· ويظهر هذا الترتيب بوضوح شديد في مركبات
الهيدروجين· وفي الجدول الدوري، تسمى مركبات العناصر التي تشترك في
المجموعة نفسها مع الأكسجين ''بالهيدريدات '' "hydrides". وفي الواقع، فإن
الماء هو ''هيدريد الأكسجين''· وتتسم هيدريدات العناصر الأخرى في هذه
المجموعة بنفس التركيب الجزيئي لجزيء الماء ·
تشعر
الجزيئات الموجودة على سطح سائل بقوة تسحبها نحو الداخل. وهذا هو توتر
السطح الذي يوفر قوة تماسكية بين جزيئات السطح، تكفي للحيلولة دون تحطم
أرجل حشرة المويجة ripple bug . ويشكل توتر السطح العالي في الماء أمرا
حيويا للعمليات الفسيولوجية
وتتباين
نقاط غليان هذه المركبات على نحو تصاعدي بدءاً من الكبريت إلى العناصر
الأثقل؛ ومع ذلك، فإننا نجد أن نقطة غليان الماء تخالف هذا النمط على نحو
غير متوقع· إذ يغلي الماء (هيدريد الأكسجين) عند درجة حرارة تقل 80 درجة
مئوية عن درجة الحرارة المفترضة لغليانه· وهناك وضع آخر مفاجئ يتعلق بموضوع
تجمد الماء· إذ يفترض مرة أخرى، وفقا لترتيب النظام الدوري، أن يتجمد
الماء عند درجة -100 درجة مئوية· ولكن الماء يكسر هذه القاعدة ويتجمد عند
درجة صفر مئوية، أي أكثر من درجة الحرارة المفترضة بمقدار 100 درجة مئوية·
ونتيجة لما سبق، يثور في الذهن السؤال التالي: لماذا لا يخالف قواعد النظام
الدوري أي هيدريد آخر سوى الماء (هيدريد الأكسجين)؟
إن قوانين
الفيزياء والكيمياء وغير ذلك من الأشياء التي نطلق عليها قواعد ما هي إلا
محاولات لتفسير التوازن غير العادي الموجود في الكون وتفاصيل الخلق· وتوضح
جميع البحوث التي أجريت في القرن العشرين أكثر من أي وقت مضى أن جميع
التوازنات الفيزيائية في الكون قد وضعت خصيصا من أجل حياة الإنسان· وتكشف
البحوث أن جميع قوانين الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا السائدة في الكون
وكذلك في الجو والشمس والذرات والجزيئات··· إلخ· مرتبة تماما حسب الحاجة
إليها من أجل الإبقاء على حياة الإنسان· ويلائم الماء الحياة، شأنه شأن
العناصر الأخرى المذكورة آنفاً، بدرجة لا يمكن معها مقارنته بأي سائل آخر،
كما أن الماء يغطى جزءاً كبيراً من الأرض تماماً حسب الكميات الصحيحة
اللازمة للحياة· ومن الواضح أن كل هذه الخصائص لا يمكن أن تكون مصادفات وأن
الكون يسوده الإتقان في تصميمه ونظامه ·
وتكشف خواص الماء
الفيزيائية والكيميائية المذهلة أن هذا السائل قد خلق خصيصا لحياة الإنسان·
فقد وهب الله سبحانه وتعالى الحياة للناس من خلال الماء، ومن خلاله أيضا
أخرج من الأرض كل شيء يحتاجونه لكي يعيشوا
تشعر الجزيئات الموجودة على سطح سائل بقوة تسحبها نحو الداخل. وهذا هو توتر السطح الذي يوفر قوة تماسكية بين جزيئات السطح، تكفي للحيلولة دون تحطم أرجل حشرة المويجة ripple bug . ويشكل توتر السطح العالي في الماء أمرا حيويا للعمليات الفسيولوجية
السقف الواقي: الأوزون
يتكون
معظم الهواء الذي نتنفسه، أي الطبقة السفلى من الغلاف الجوي، من غاز
الأكسجين O2 ونعني بذلك أن كل جزيء أكسجين موجود في الطبقة السفلى من
الغلاف الجوي يتكون من ذرتين· ومع ذلك، قد يتكون جزيء الأكسجين أحيانا من
ثلاث ذرات· (3 (Oوفي هذه الحالة، لا يطلق على هذا الجزيء أكسجين، بل يطلق
عليه ''أوزون''، لأن هذين الغازين مختلفان تماما عن بعضهما البعض ·
ولا
بد أن نشير هنا إلى التالي: ما دام الأكسجين يتكون عند اتحاد ذرتين من
الأكسجين، لماذا إذن يتكون غاز مختلف يسمى الأوزون عند اتحاد ثلاث ذرات من
الأكسجين؟ وفي نهاية الأمر، ألا يتم الاتحاد بين ذرات الأكسجين، سواء كان
عددها اثنين أو ثلاث، لتكون الجزيء؟ فلماذا إذن يظهر غازان مختلفان؟ وقبل
الإجابة على هذه الأسئلة، فإن من الأفضل أن ندرس ما يميز هذين الغازين عن
بعضهما البعض ·
يوجد الأكسجين (O2) في الطبقة السفلى من الغلاف
الجوي ويوفر الحياة لجميع الكائنات الحية من خلال التنفس· أما الأوزون (O3)
فهو غاز سام رائحته كريهة جدا ويوجد في أعلى طبقات الغلاف الجوي· وإذا
اضطررنا إلى أن نتنفس الأوزون بدلاً من الأكسجين، فلن يظل منا أحد على قيد
الحياة ·
يتفاعل الكلور مع الأوزون فينتج جزيء أكسجين وأيون هيبوكلوريت hypochlorite ion (OCI-) (1). ويتفاعل الأيون مع ذرة الأكسجين (2) لتحرير الكلور الطليق (3)، الذي يمكن أن يتفاعل مع جزيء أوزون آخر ويدمره
ويوجد
الأوزون في الطبقة العليا من الغلاف الجوي لأنه يؤدي هناك وظيفة لا غنى
عنها للحياة· إذ يكون طبقة ترتفع بنحو 20 كم عن الغلاف الجوي المحيط بالأرض
مثل الحزام، وتمتص الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس، وتحول دون
وصولها إلى الأرض بكامل شدتها· وبما أن الأشعة فوق البنفسجية تحمل طاقة
عالية جداً، فإن اتصالها المباشر بالأرض من شأنه أن يؤدي إلى احتراق كل شيء
عليها، ولن تسمح مطلقاً بالحياة فيها· ولهذا السبب، تعمل طبقة الأوزون
كدرع واق للغلاف الجوي ·
ولكي توجد حياة على سطح الأرض، ينبغي أن
تكون جميع الكائنات الحية قادرة على التنفس ومحمية من أشعة الشمس الضارة·
ولا يوجد شك في أن من وضع هذا النظام هو الله جل جلاله، الذي يتحكم في كل
ذرة وكل جزيء· وبدون مشيئة الله سبحانه وتعالى، لن تستطيع أية قوة مهما
كانت أن تجمع هذه الذرات مع بعضها البعض بنسب مختلفة مثل جزيئات غاز
الأكسجين وغاز الأوزون ·
جزيئات نتذوقها ونشمها
إن
حاستي الذوق والشم هما عبارة عن مدركين حسيَّين يزيدان من جمال عالم
الإنسان· وقد كانت المتعة المستمدة من هاتين الحاستين موضع اهتمام منذ زمن
بعيد ولم يكتشف إلا مؤخرا أن هاتين الحاستين ناتجتان عن تفاعلات جزيئية ·
إن
''الذوق'' و''الشم'' ما هما إلا مدركان حسيَّان ينشآن عن جزيئات مختلفة في
أعضائنا الحسية· فعلى سبيل المثال، تتكون روائح كل الأطعمة والمشروبات أو
الفواكه والزهور المتنوعة التي نراها حولنا من جزيئات متطايرة· ولكن، كيف
يحدث هذا؟
تصل الجزيئات المتطايرة مثل عبير الونيلية vanilla
والوردة إلى المستقبلات الموجودة على الشعيرات الاهتزازية في منطقة الأنف
المعروفة باسم الظِّهارة epithelium وتتفاعل مع هذه المستقبلات· وتدرك
أدمغتنا هذا التفاعل في شكل رائحة· وحتى الآن، تم تحديد سبعة أنواع من
المستقبلات الموجودة في تجويفنا الأنفي المبطن بغشاء للشم تبلغ مساحته 2-3
سم2 .ويتفاعل كل نوع من هذه المستقبلات مع رائحة أساسية· وبنفس الطريقة،
توجد أربعة أنواع مختلفة من المستقبلات الكيميائية في الجزء الأمامي من
لساننا تتفاعل مع المذاقات المالحة والحلوة والحامضة، والمرة· وتدرك
أدمغتنا هذه الجزيئات التي تصل إلى المستقبلات الموجودة في أعضاء الحس
لدينا بوصفها إشارات كيميائية ·
وعلى الرغم من اكتشاف العلماء
لكيفية إدراكنا للطعم والرائحة وكيفية تكونهما، فإنهم لم يتمكنوا حتى الآن
من الاتفاق على السبب الذي يجعل رائحة بعض المواد قوية والبعض الآخر أقل
قوة، وكذلك على السبب في أن بعض المواد مذاقها طيب والبعض الآخر مذاقه سيء ·
نوضح اولا صورة الطعام نفسه وبعدها نبين شكل ذرته :
الببرين PIPERINE
الببرين
هو المكوِّن الفعّال في الفلفل الأبيض والأسود (ثمار نبات Piper nigrum
الاستوائي). ويتم الحصول على الفلفل الأسود من خلال السماح للثمرة غير
الناضجة بالتخمر ثم يتم تجفيفها. ويتم الحصول على الفلفل الأبيض من خلال
إزالة القشور واللب من الثمار الناضجة وتجفيف حبوبها
بارا- هيدروكسيفينول –2- البيوتانون والأيونون
Para-HYDROXYPHENOL -2- BUTANONE and IONONE
ينتج
عن مزيج هذين الجزيئين شذا جميل جداً. والبيوتانون هو الجزيء المسؤول في
المقام الأول عن رائحة توت العليق raspberries الناضج. ويعزى جزء من
الرائحة الجديدة المنعشة للثمرة حديثة القطف إلى الأيونون، المسؤول أيضا عن
روائح التبن المجفف في الشمس وزهور البنفسج. والأيونون هو المكوِّن العطري
في زيت البنفسج
فيوريميثانثيول FURYMETHANETHIOL
هذا
الجزيء هو أحد الجزيئات المسؤولة عن نكهة القهوة. ويعزى التأثير المنبه
للقهوة إلى الكافيين. كما يعزى لون حبات القهوة المُحمّصة جهة اليسار، بصفة
أساسية، إلى تفاعل التسمير browning reaction الذي يحدث عند تسخين المواد
العضوية المحتوية على نيتروجين. وسنجد أن الجزيئات المسؤولة عن النكهة
والتنبيه تبقى محاصرة مؤقتا داخل الحبات.
ونختمها بصورة مختلفة قليلا
بي-كيراتين b-KERATIN
الحرير،
هو الاسم الشائع لـ "بي- كيراتين"، وهو السائل المتصلب الذي يفرزه عدد من
الحشرات والعناكب، ولكن أكثر هذه السوائل قيمة هو ما تفرزه دودة الحرير، أي
يرقة فراشة الحرير. والبي – كيراتين هو عديد ببتيدpolypeptide يتكون
عموما من الجلايسين، والألانين، وكميات أصغر من أحماض أمينية أخرى. ولا
تكوِّن جزيئات البي- كيراتين شكلاً حلزونيا، وتتراص بدلا من ذلك فوق بعضها
البعض مكوِّنة صفائح مُضلّعة من الأحماض الأمينية المترابطة، مع ظهور
الجلايسين على جانب واحد من الصفائح. ثم تتكوم الصفائح الواحدة فوق الأخرى.
ويمكنك أن تشعر بهذه البنية المسطحة عندما تلمس سطح الحرير الأملس.
نوضح اولا صورة الطعام نفسه وبعدها نبين شكل ذرته :
الببرين PIPERINE
الببرين هو المكوِّن الفعّال في الفلفل الأبيض والأسود (ثمار نبات Piper nigrum الاستوائي). ويتم الحصول على الفلفل الأسود من خلال السماح للثمرة غير الناضجة بالتخمر ثم يتم تجفيفها. ويتم الحصول على الفلفل الأبيض من خلال إزالة القشور واللب من الثمار الناضجة وتجفيف حبوبها
بارا- هيدروكسيفينول –2- البيوتانون والأيونون
Para-HYDROXYPHENOL -2- BUTANONE and IONONE
ينتج عن مزيج هذين الجزيئين شذا جميل جداً. والبيوتانون هو الجزيء المسؤول في المقام الأول عن رائحة توت العليق raspberries الناضج. ويعزى جزء من الرائحة الجديدة المنعشة للثمرة حديثة القطف إلى الأيونون، المسؤول أيضا عن روائح التبن المجفف في الشمس وزهور البنفسج. والأيونون هو المكوِّن العطري في زيت البنفسج
فيوريميثانثيول FURYMETHANETHIOL
هذا الجزيء هو أحد الجزيئات المسؤولة عن نكهة القهوة. ويعزى التأثير المنبه للقهوة إلى الكافيين. كما يعزى لون حبات القهوة المُحمّصة جهة اليسار، بصفة أساسية، إلى تفاعل التسمير browning reaction الذي يحدث عند تسخين المواد العضوية المحتوية على نيتروجين. وسنجد أن الجزيئات المسؤولة عن النكهة والتنبيه تبقى محاصرة مؤقتا داخل الحبات.
ونختمها بصورة مختلفة قليلا
بي-كيراتين b-KERATIN
الببرين PIPERINE
الببرين هو المكوِّن الفعّال في الفلفل الأبيض والأسود (ثمار نبات Piper nigrum الاستوائي). ويتم الحصول على الفلفل الأسود من خلال السماح للثمرة غير الناضجة بالتخمر ثم يتم تجفيفها. ويتم الحصول على الفلفل الأبيض من خلال إزالة القشور واللب من الثمار الناضجة وتجفيف حبوبها
بارا- هيدروكسيفينول –2- البيوتانون والأيونون
Para-HYDROXYPHENOL -2- BUTANONE and IONONE
ينتج عن مزيج هذين الجزيئين شذا جميل جداً. والبيوتانون هو الجزيء المسؤول في المقام الأول عن رائحة توت العليق raspberries الناضج. ويعزى جزء من الرائحة الجديدة المنعشة للثمرة حديثة القطف إلى الأيونون، المسؤول أيضا عن روائح التبن المجفف في الشمس وزهور البنفسج. والأيونون هو المكوِّن العطري في زيت البنفسج
فيوريميثانثيول FURYMETHANETHIOL
هذا الجزيء هو أحد الجزيئات المسؤولة عن نكهة القهوة. ويعزى التأثير المنبه للقهوة إلى الكافيين. كما يعزى لون حبات القهوة المُحمّصة جهة اليسار، بصفة أساسية، إلى تفاعل التسمير browning reaction الذي يحدث عند تسخين المواد العضوية المحتوية على نيتروجين. وسنجد أن الجزيئات المسؤولة عن النكهة والتنبيه تبقى محاصرة مؤقتا داخل الحبات.
ونختمها بصورة مختلفة قليلا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق