الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

محمد رسُول الله وخاتم الأنبياء والرُسلّ الجزء الاول

 

محمد رسُول الله وخاتم الأنبياء والرُسلّ

 

المبحث الإول: حتمية ومنطقية ختم النبوات والرسالات

 

 

السؤال المطروح:

١)  لماذا يجب أن يكون هناك ختم ونهاية للنبوات والرسالات؟

٢)  ولماذا لا بد وأن يكون هناك نبي ورسول خاتم يكون هو أخر الأنبياء والرسل؟

٣)  وما هی ضروريته وحتميته؟

٤)  وهل هذا يوافق العقل والمنطق الإنساني أم لا؟

 

 

البحث المنطقي للإجابة:

 

١)  إذا نظرنا إلی كل شئ وأي شئ حولنا سواء كان حياً أو غير حي...ضخماً كان أم دقيقاً لوجدنا دائماً أن له عمراً محدداً وأجلا ً محدوداً...ينتهي بعده...وهذه سنة من سنن هذا الوجود وهذا الكون بما فيه...حتی النجوم الضخمة فلها عمر تموت بعده وتنطفئ...فأي شئ في هذا الوجود وتلك الحياة لا بد وأن له نهاية...فنهاية الأشياء هی حتمية ومنطقية طبقاً لما تراه أعيننا في كل شئ مما حولنا...ولم نری أبداً في هذه الحياة وهذا الوجود أي شئ يكون بلا نهاية حتی تستطيع عقولنا أن تبني عليه وتقول بأن كل شئ ليس بالضرورة له نهاية وتنتفي المنطقية...بل إن كل شئ يبدء ثم يسير منطقياً إلی نهاية...فالبداية والنهاية هی من منطقيات الكون ومنطقيات الوجود ومن سنن الحياة الثابتة...فكل شئ له بداية...لا بد منطقياً وأن يكون له نهاية ، هذا ثابت وواضح وحتمي ومنطقي من كل ما نراه حولنا وأمام أعيننا.

 

والنبوات والرسالات ممثلة في الأنبياء والرسل كان لها يدايه فلا بد إذن منطقياً أن تأتي إلی بداية لأنها جزء من هذا الوجود وتلك الحياة...فوضع نهاية للنبوات والرسالات وختمها هی ضرورة وحتمية عقلية ومنطقية يفرضها الواقع وسنة الكون والوجود والمخلوقات...والعقل يستطيع أن يستنتج ضرورة حدوثها حتی وإن لم تحدث بعد...فإذا حدثت فعلا ً ووقعت فلا غرابة أو عجب أو تساءل في هذا...لأن الغرابة والعجب والتساؤل يكون فقط في الأشياء الغير منطقية والتي لا تتفق مع العقل والتفكير السليم وسنة الوجود...أما في المنطقيات والعقليات والمتوقعات فلا غرابة ولا عجب ولا حاجة لإثبات أو تفسير.

 

٢)  والقوانين والقواعد الإلهية للأشياء وللأكوان كلها كما ذكرنا في المبحث الأول في القضية الأولی كلها قوانين وقواعد ثابتة لا تتغير...وإذا تغيرت أحياناً في مراحل معينة فإنها تتغير لتصل إلی ثبات دائم وشكل مستمر قائم لا يتغير ولا يتبدل...ولك مثالا ً في العناصر المشعة كاليورانيوم المشع الذي يظل يتغير ويطلق إشاعات وجسيمات من ذراته حتی يصل في النهاية إلی صورة دائمة ومستقرة ويتوقف عن الإشعاع ويتوقف التغير وتتحول ذراته إلی ذرات عنصر الرصاص. فالأصل دائماً في الحياة وقوانينها والوجود وقواعده هو الثبات والدوام حتی وإن تغير في فترة من الفترات ولكنه لا بد أن يعود ويرجع ويستقر في صورة ثابتة ودائمة...هذا هو ما تراه أعيننا دائماً ويعرفه العلماء في كافة فروع العلم جيداً ولذا فهو سنته للكون وللموجودات وللحياة وبالتالي فهو منطقي وعقلي ومشهود ومعروف ومتوقع ولا خلاف عليه.

 

والنبوات والرسالات هی كلها في الواقع قوانين وقواعد إلهية أرسلت للبشر وللإنسان لتنظم حياته ومعيشته وتفاعلاته مع الأكوان...لأنه المخلوق الوحيد الذي تركت له حرية إختيار القوانين والقواعد التي تنظم حياته ومعيشته وتفاعلاته مع الخلائق الأخری والبشر الأخرين ولم تحدد هذه القوانين إجباراً وفرضاً عليه من قبل الإله الخالق كما فُعل مع كافة المخلوقات الأخری...ولذا أراد الإله العظيم أن ينصحه ويدله ويهديه إلی القوانين والقواعد السليمة عن طريق النبوات والرسلات السماوية حتی يأخذها وينفذها بمحض إختياره وفي هذا خيرة وفائدته وإستقامة حياته مع نفسه ومع الأخرين ومع الخلائق أجمعين...فالنبوات والرسالات الإلهية إذن هی قوانين وقواعد إلهية...فلا بد إذن وأن ينطبق عليها نفس المنطق الذي عرفناه وهی الإتجاه إلی الثبات والإستقرار والدوام حتی وإن تغيرت في بعض المراحل...ولقد تغيرت الرسالات السماوية في بعض الأشياء وبعض القوانين والتوجهات والأولويات بتغير أزمانها وأماكنها وتفاوتت في بعض الفروع بتفارت الأقوام الذين أرسلت إليهم وتفاوت طباعتهم وإهتماماتهم ونظمهم الإجتماعية...وهذا التغير بين رسالة ورسالة في بعض الفروع إقتدته الضرورة وتطور الحياة البشرية بصورة متفاوته وكثرة الأمراض والعلل التي تظهر في مجتمع البشر نظراً لأنه متروك الحرية في قوانين حياته وليس لهذه القوانين إلزاماً أو إكراهاً ربانيا في صورة نقية معينة كسائر المخلوقات...ولذا كان التغير والتبديل لازماً في بعض فروع الرسالات ولكن ليس في الأصول والثوابت حتی يتوافق مع التغير والتطور البشري الإنساني بخيره وبشره وهذا منطقي وعقلي ومفهوم تماماً.  ولكن طبقاً لقاعدتنا المنطقية السابقة كان لازماً أن تتجه هذه الرسالات والقوانين الإلهية إلی الثبات والإستقرار والدوام كما هو الحال في كافة قوانين الكون والموجودات وأن ينتهي التغير إلی صورة ثابتة دائمة لا تتغير تصلح لكل ما سيأتي بعد ذلك أياً كان صورته وشكله ، وأن ينتهي الأمر إلی قواعد وقوانين ثابتة راسخة يقبلها ويرضاها ويوحی بها الإله الخالق الواحد لكل البشر علی إختلاف أممهم وألوانهم وألسنتهم ومجتمعاتهم وتطورهم...لا تغير بعدها ولا تبديل ولا تعديل. 

 

ومنطقياً لكي يحدث هذا لا بد أن تكون هناك رسالة خاتمة نهائية توضح الشكل الأخير الثابت الذي ستستقر عليه الأمور والمنهج الدائم الذي سيجب علی البشر جميعاً أن يلتزموا به.  فختم النبوات والرسالات إذن منطقي وحتمي وضروري حتی تستقر القوانين الإلهية للبشر في صورة ثابتة دائمة مستقرة كما هو حال كافة القوانين الإلهية الكونية والحياتية الأخری.  فالتغير بين الرسالات وتعدد النبوات طبقاً لذلك كان مؤقناً وكان لا بد وأن ينتهي هذا التعدد الوقوف عند صورة دائمة مثالية. ومن هذا نستنتج أن ختم النبوات والرسالات هی ضرورة منطقية يفهمها ويقبلها العقل ويتوقعها حتی وإن لم تحدث فلا غرابة ولا عجب إن حدثت وأصبحت واقعاً لأنها توافق منطق الأمور والحياة وما نراه حولنا من ثبات للقوانين الإلهية في أشكال دائمة مستقرة في كل صور وأشكال الوجود والمخلوقات.

 

٣)  ولقد أثبتنا في المبحث الأخير من القضية الأولی حتمية ومنطقية صدق الأنبياء والرسل جميعاً في نبوتهم ورسالتهم وما نقلوه عن ربهم...وأصبح ذلك لا خلاف عليه...فإذا كان الكثير من هؤلاء الأنبياء والرسل قالوا وأنبأوا بأمر ربهم عن ختم الرسالات والنبوات وأنبأوا أيضاً نقلا ً عن ربهم بأنه سيكون هناك نبي ورسول خاتم يكون أخر الأنبياء والرسل وسيأتي من الإله الخالق برسالة عامة وشاملة ونهائية للبشر أجمعين في كل زمان ومكان...فإذا كانوا حتماً صادقين في قولهم ومبلغين عن الإله كان أيضاً حتماً ومنطقياً أن ننتظر هذا الرسول والنبي الخاتم وأن نتوقع ختم النبوات والرسالات بنبوته ورسالته التي ستكون نهاية هذه الرسائل الإلهية كلها وصورتها الدائمة والنهائية والمستقرة...فختم النبوات والرسالات بناء علی هذا تكون منطقية حتمية متوقعة حتی وإن لم تحدث بعد...فإن حدثت فعلا ً ووقعت فلا عجب ولا غرابة ولا تساؤل لأنها منطقية متوقعة مبينة علی ما سبقها من منطقيات...وكل ما بنی علی منطقي وعقلي فهو أيضاً منطقي وعقلي.

 

٤)  والمجتمع الإنساني وإن تعددت نظمه ولغاته وعاداته وحضاراته هو في النهاية مجتمع واحد يتشابه في أشياء لا حصر لها وتجمعه مقومات واحدة وتجذبه تجاه بعضه مصالح متشابكة ومشتركة وهذا ما تجلی واضحاً في العصر الحديث والسنوات الأخيرة من تطور وسائل الموصلات التي تربط بني البشر في كل مكان وظهور المؤسسات التي لها صفة العالمية كالأمم المتحددة والمنافسات الرياضية التي تشارك فيها الأمم العالمية والشركات التي تملكها جنسيات متعددة والحاكم الدولية والقوات الدولية والمنظمات الإجتماعية العالمية كجمعيات المحافظة علی البيئة والدفاع عن حقوق الإنسان والعفو الدولية إلخ...فالإنسان إذن مدفوعاً بما يربطة مع بني جنسة الإنساني من قوی وروابط ومقومات ومصالح يتجه إلی التوحد وإلی إيجاد أرضيات مشتركة تشمل جميع البشر وإلی إيجاد نظم يمكن أن تطبق في جميع البلاد وعلی جميع الشعوب...هذه هی طبيعة الإنسان وطبيعة ما وضعه الإله الخالق فيه من قوانين تدفعه دائماً للتوحد وتجمعه من التشتت وتوجهه نحو التعارف والتعايش والتداخل...وهذا ما يظهر جلياً الأن كما لم يظهر في الماضي من قبل.  والنبوات المختلفة والرسالات المتعددة جاءت إلی أقوام ومجتمعات مختلفة الإتصالات بينها ضعفية وأحياناً تكاد أن تكون معدومة وبالتالي معرفتها ببعضها وتداخلها قليل جداً ونادر...وهذا أدی إلی ضرورة تعدد الأنبياء علی إمتداد الزمان وإتساع الأرض وتعدد الأقوام ، وأدی أيضاً إلی إختلاف الرسالات في بعض الفرعيات وطريقة التناول والمعالجة دون المساس بثبات الأصل والمضمون. ولكن نظراً إلی أن المجتمع الإنساني هو في النهاية مجتمع واحد كما أوضحنا ويتجه ولو ببطء إلی التوحد والإتصال والتشابك والإرتباط فكان لا بد ومنطقي أن تتجه هذه الرسالات السماوية الإلهية هی الأخری إلی التوحد في نهايتها إلی رسالة واحدة خاتمة شاملة تتعامل مع المجتمع الإنساني ككل وتتوجه إليه بشكل عام وتصلح له وتخاطبه بصرف النصر عن جنسه ولونه ولغته وبيئة وحضارته...تخاطبه وتقنن له وتهدية كالإنسان بقوانين يعلم الخالق أنها تصلح له في كل زمان ومكان ويستطيع أن يستفيد منها ويطبقها في كل زمان ومكان طالما هو إنسان ويريد أن يعيش كإنسان كرمه الله بالعقل فوق سائر الأحياء والمخلوقات...وإذا كان منطقي أن تتجه الرسالات إلی التوحد في نهايتها وتتبلور في رسالة واحدة خاتمة فمنطقي إذن أن تكون هناك رسالة خاتمة تحقق هذا الهدف وتلك الغاية ومنطقي إذن بالتالي أن يكون هناك ختم للنبوات والرسالات وأن يكون ذلك بداهة علی يد نبي ورسول خاتم...فهذا كله إذن ومفهوم من هذه الناحية...وهو متوقع حتی وإن لم يحدث...فإن حدث ووقع فلا غرابة وعجب ولا دهشة لأن هذا يوافق العقل والمنطق والتدبر السليم.

 

 

 

ومن البنود السابقة ١ إلی ٤ نستطيع بعد التفكر والتدبر والتدقيق والتمحيص وبإستخدام العقل المجرد والفكر السليم والمنطق الإنساني...نستطيع أن نستنتج الحقيقة الثابتة التالية التي لا يرقی إليها شك ولا تحتمل التخمين أو الظن:

 

 

الإستنتاج الأول: 

 

          إن المنطق والعقل يحتم أن يكون هناك ختم ونهاية للنبوات والرسالات الإلهية وبالتالي أن يكون هناك نبي ورسول خاتم يكون أخر الأنبياء والرسل وأن تكون رسالته رسالة شاملة عامة ونهائية لكل البشر في كل زمان ومكان وأن هذا متوقع الحدوث حتی وإن لم يحدث وإن حدث فلا غرابة ولا عجب لأنه موافق المنطق والعقل وهو ضرورة حتمية لا بد أن تحدث وهذه حقيقة واقعة ثابتة...لا يمكن إنكارها أو إثبات عكسها عقلياً ومنطقياً وواقعياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق