تعريف الضبط الدقيق للكون

الضبط الدقيق للكون معناه أن الثوابت الأساسية و مقادير الطبيعة تقع في نطاق ضيق جدًا، لدرجة أنّ أي تغير صغير في الثوابت الأساسية لن يؤدي إلى بناء وتطور المادة أو الأفلاك أو

جميع أشكال الحياة.

أنواع الضبط الدقيق للكون:

هناك عدة أمثلة للضبط الدقيق للكون، والتي تنقسم إلى ثلاثة أنواع:

الضبط الدقيق لقوانين الفيزياء مثل قوانين القوى الرئيسية وهي الجاذبية و القوة الضعيفة و القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية القوية التي تربط بين البروتينات والنيترونات معًا في الذرة.

الضبط الدقيق للثوابت الفيزيائية ولها أمثلة عديدة ومن أبرزها : الضبط الدقيق للثابت الكوني.

الضبط الدقيق للشروط الابتدائية للكون وأبرزها موجود في الضبط الدقيق للإنتروبي المنخفض (Low Entropy).

اعتراضات متنوعة على الضبط الدقيق للكون

1. الاحتجاج بـ(نظرية كل شيء):

من إحدى الاعتراضات على جدلية الضبط الدقيق هو أن فيما نعرفه، فيمكن أن يكون هناك قانون أكثر صلابة بحيث يتضمن قوانين الفيزياء الحالية وقيم ثوابت الفيزياء. لذلك، مع وجود مثل هذا القانون، فإنه من المحتمل أن القوانين وثوابت الفيزياء تقع في المدى المسموح فيه للحياة. بالرغم من كون هذا الانتقاد تخميني بالكامل، ثلاثة مشاكل تواجه مثل هذه الفرضية .

• بالرغم من أن العديد من الفيزيائيين تمنّوا بأنّ تتضمن نظرية الأوتار الفائقة كلّ القوانين الحالية وثوابت الفيزياء، ذلك الأمل بهت تقريبًا بالكامل عندما جاء علماء الأوتار المنظرين للاعتراف بأن نظرية الأوتار الفائقة (و وريثه المقترح M-theory ) لها الكثير و العديد من الحلول، مقدرة في 10500 حل أو أكثر. ولذلك، فرص اكتشاف مثل هذه القانون الأساسي أصبح خافتًا أكثر قبل.

• إنّ وجود مثل هذا القانون الأساسي لا يوضّح الضبط الدقيق للشروط الابتدائية للكون.

• حتى لو كان مثل هذا القانون موجود، فإنها لا تزال صدفة هائلة في أن القانون الأساسي يتضمن فقط هذا القوانين وقيم ثوابت الفيزياء التي تسمح بالحياة، بدلا من قيم أخرى.

فكما يلاحظ فيزيائيو الفلك (برنارد كار) و (مارتن ريس) : "حتى إذ أمكن تفسير كلّ على ما يبدو من صدف في الضبط الدقيق للكون من ناحية قانون أساسي (أي نظرية كل شيء)، فإنه لا يزال مثيرًا للاهتمام في أن العلاقات المفروضة بنظرية فيزيائية هي نفس العلاقات الملائمة لوجود الحياة."

لذلك، فإنه من غير المحتمل جدًا في أنّ يفقد الضبط الدقيق للكون أهميته حتى إذا اكتشفنا (نظرية كل شيء).

2. الاحتجاج بقوانين/ثوابت فيزيائية أخرى:

بالنسبة للاحتجاج بوجود قوانين/ثوابت فيزيائية أخرى، فهذا الادعاء يزعم أنه يمكن أن تكون هناك مجموعة من القوانين التي تسمح بالحياة والتي لا نعرفها عنها أي شيء. يكون الرد على هذا الاعتراض مباشرة من خلال طريقة صياغة جدلية الضبط الدقيق. كما تم صياغتها، جدلية الضبط الدقيق لا تفترض أن مجموعة قوانيننا هي المجموعة الوحيدة المحتوية على القوانين التي تسمح بالحياة. لكن بالأحرى، فإن الجدلية تفترض أنّ منطقة القوانين التي تسمح بالحياة (أو الثوابت أو الشروط الأولية) صغيرة جدًا مقارنة بالمنطقة التي تمكننا من تحديد أن القوانين تسمح بالحياة.

في هذه الحالة هي ثوابت الطبيعة، فإنه تم افتراض أنه بوجود قوانيننا الحالية، فمدى قيم ثوابت الفيزياء التي تسمح بالحياة صغيرة مقارنة بالمدى الذي يسمح لنا بتحديد سواء كانت القيم تسمح بالحياة أو لا تسمح.

3. الاحتجاج بوجود أشكال أخرى من الحياة:

هذا الاعتراض يدعي أن أشكال أخرى حية معتمدة على الكربون يمكن أن تكون موجودة حتى لو كانت الثوابت الفيزيائية مختلفة. إذًا، فهي تدعي أن جدلية الضبط الدقيق تفترض مسبقًا أن جميع أشكال الحياة المتجسدة والواعية يجب أن تكون معتمدة على الكربون. بالرغم من الصعوبة الفائقة من تصور كيفية حصول أنظمة المادة الغير كربونية على نوع من التعقيد المادي ذو إنتاج ذاتي لدعم القوى الواعية المتجسدة، مشكلة أخرى من هذا الاعتراض في أن العديد من حالات الضبط الدقيق لا تفترض مسبقًا أن جميع أشكال الحياة يجب أن تكون معتمدة على الكربون. فلنأخذ كمثال الثابت الكوني، إذا كان الثابت الكوني أعلى بكثير فإن المادة ستنتشر بسرعة لدرجة أن لا يمكن للكواكب ولا حتى النجوم أن تتكون.

على أية حال، فبدون النجوم، لن يكون هناك مصادر ثابتة للطاقة للأنظمة المادية المعقدة من أي نوع حتى تتطور. لذلك،كل حالات الضبط الدقيق تفترض مسبقًا أن تطور القوى الذكية المتجسدة في كوننا يتطلب مصدر طاقة ثابت وهذا افتراض معقول.

4. الاحتجاج بمبدأ الأنثروبي:

طبقًا للنسخة الضعيفة بما يسمى المبدأ الإنساني (anthropic principle): إن لم تكن قوانين الطبيعة مضبوطة بدقة، فإنه من المفترض أن لا نكون هنا للتعليق على هذه الحقيقة.

جون ليسلي وآخرين ردوا على هذا الاعتراض عن طريق قياسهم بفرقة الإعدام. كما يبين ليسلي، إذا كان هناك خمسين رامي بارع وكلهم أخطئوا إصابتي، فردة الفعل مثل إذا لم يخطئوا إصابتي فلن اعتبر هذه الحقيقة لن يكون كافيًا. بدلا من ذلك، فإني سأستنتج بشكل طبيعي أن هناك سبب ما في عدم إصابتهم الهدف، مثل أنهم لم ينووا قتلي أبدًا. لماذا استنتج ذلك؟ اعتمادًا على المعلومات المسبقة التي لا تتضمن استمرار وجودي، ونفس المعلومات المسبقة لطرف ثالث يشاهد إعدامي. استمرار وجودي سيكون غير محتمل جدًا تحت فرضية نيتهم قتلي، لكن سيكون محتملا تحت فرضية عدم نيتهم قتلي.

لهذا السبب، فالجواب على سؤال "لماذا هناك ضبط دقيق للكون؟" لا يكون عن طريق تقديم ملاحظة عادية مثل عدم وجودي لن يمكنني من التعليق على عدم وجود الضبط الدقيق، لكن يكون عن طريق تقديم تفسير لهذا السؤال والتفسير المنطقي في هذا الحالة هو التصميم.

5. الاحتجاج بالمستقبل العلمي:

أخيرا، طريقة أخرى لتجنب الضبط الدقيق -الثابت الكوني كمثال- هو في الادعاء أنّ إطار الفيزياء الحديثة سيتبدل في طريقة تؤدي إلى تجنب مشكلة الضبط الدقيق. هذه الطريقة لن تنفع مع الثوابت الأخرى، لأن العديد من هذه الثوابت تعتمد على حقائق أساسية جدًا والتي بكل تأكيد لن تُستبدل. كمثال: الضبط الدقيق لقوة الجاذبية تعتمد فقط على حقيقة أن الأجسام مع كتل تماثل الكواكب والنجوم تجذب بعضها البعض بقوة معطاة بقانون نيوتن، وهذا إذا كان سحب الجاذبية للكوكب هائل جدًا، فمعظم الكائنات الحية ستتحطم. لذلك، كإستراتيجية عامة، هذا الطريقة لمراوغة الضبط الدقيق هي ضعيفة الأثر.

-------------------------------------------------------

المصدر: http://home.messiah.edu/~rcollins/Fine-tuning/ft.htm