محكمة كيتزميلر: السوط البكتيري، هل تم دحضه؟ الرد على الدليل الضعيف الذي قدمه كين ميلر (الجزء الثاني)





السيارة كمثال توضيحي:

بهدف فهم كيف فشل اختبار ميلر في تطبيق ما تمت صياغته من طرف بيهي بخصوص التعقيد الغير القابل للاختزال، فلنأخذ مثال محرك السيارة و الترباس. فمحرك السيارة يحتوي على عدة أصناف من الترابيس و كل ترباس يمكن اعتباره كجزء ثانوي صغير أو كنظام ثانوي في محرك السيارة. فحسب منطق ميلر، إذا كان هناك أي ترباس أساسي في محرك السيارت يقوم بوظيفة أخرى أيضا كالمقبض على سبيل المثال فهذا يدل على أن كل نظام المحرك لا يعتبر نظاما معقدا بشكل لا يقبل الاختزال. فبرهان كهذا بكل وضوح لا يمكن أن يكون سوى مجرد هراء.

لتحديد ما إذا كان المحرك نظاما معقدا لا يقبل الاختزال فيجب التركيز على وظيفة المحرك نفسه و ليس على أجزائه الثانوية التي يمكن أن تؤدي وظائف أخرى في مكان آخر. إنه من الواضح أن الترباس خارج المحرك يمكنه القيام بدور آخر داخل السيارة إلا أن هذه الملاحظة لا تفسر كيف أن هذه المكونات ذات التعقيد العالي كالمكابس و الأسطوانات و عمود الكامات و الصمامات و عمود المرفق و شمعة الإحتراق و غطاء الموزع و الأسلاك قد استطاعت أن تتصل فيما بينها وفق التعديل المناسب بهدف صناعة محرك سيارة شغال. و حتى لو افترضنا أن هذه الأجزاء كلها قد تكون لها وظائف أخرى داخل السيارة (و هو أمر مستبعد) فكيف استطاعت أن تتركب و أن تتجمع بشكل مناسب لصناعة محرك سيارة شغال؟ فالجواب يستلزم تصميما ذكيا بكل تأكيد.

بيهي قام بطرح أن النظام ذو التعقيد الغير القابل للاختزال يتم تحديده إذا ما توقف عن العمل حين يتم حذف جزأ من أجزائه. إنه اختبار مناسب لنظرية داروين لأنه يطرح السؤال التالي: هل هناك مستوى أدنى مطلوب من التعقيد لكي يصير النظام وظيفيا؟ بكل وضوح فمحرك السيارة يمتلك مجموعة من قطع الغيار الضرورية لاشتغاله. فقدرة ترباس المحرك على أن يعمل كمقبض أيضا فذلك لا يفند التركيبة المعقدة الغير القابلة للاختزال للأجزاء الضرورية لجعل النظام النهائي للمحرك شغال. فبيهي لم يدعي أبدا أن الأنظمة الثانوية لا يمكنها القيام بوظيفة أخرى داخل الخلية، فهو ادعى العكس من ذلك تماما. بل أكثر من ذلك فإن بيهي برهن بكل بساطة أن التطور يدَّعِي أن النظام الإجمالي يجب أن يتشكل عبر مراحل طفيفة و متوالية بحيث أن كل مرحلة تعتبر وظيفية.

قام ميلر بفهم التعقيد الغير القابل للاختزال بشكل خاطئ و اختباره يعتبر ضعيفا حتى يستطيع دحضه. فاختبار التعقيد الغير القابل للاختزال لا يسأل حول ما إذا كان بإمكان استعمال جزء صغير من النظام الإجمالي من أجل القيام بوظيفة أخرى كما ادعى ميلر بل يطرح السؤال التالي: هل يمكن للنظام بمجمله أن ينشأ عبر مراحل لا تتطلب فيها تغيرات "غير طفيفة" للحصول على الوظيفة النهائية؟ فأي تعديل "غير طفيف" في التعقيد يستلزم الإنطلاق من الأجزاء الثانوية الوظيفية التي تعمل خارج النظام النهائي نحو النظام الإجمالي النهائي و الوظيفي الذي يمثل التعقيد الغير القابل للاختزال.

و حتى لو استطاع ميلر إظهار أن مكونا من مكونات السوط قد تواجد في أي مكان آخر في البكتيريا (و هو ما لا يحدث في الواقع- فميلر لا يمكنه سوى التحدث عن الجسم القاعدي الذي يحوي تقريبا 1/4 من بروتينات السوط) فميلر لم يعطي أي دليل معقول بخصوص تطور السوط حتى يفسر كيف استطاعت مكوناته التجمع و التكون لتشكيل سوط وظيفي. و حينها فقط يستطيع ميلر التأكيد على أن السوط البكتيري لا يعتبر معقدا بشكل لا يقبل الاختزال.

.

خبراء آخرون يتفقون مع ميلر:

ويليام ديمبسكي William Dembski أدرك جوهر المشكل مع التعريف و التقييم الخاطئ لميلر بخصوص التعقيد الغير القابل للاختزال:

"إيجاد نظام ثانوي لنظام وظيفي يقوم بوظيفة أخرى لا يعتبر دليلا مقنعا للبرهنة على أن النظام الأصلي قد تطور من نظام آخر. فيمكن لأحد أن يقول بأن محرك الدراجة النارية يمكن استعماله كخلاطة و بالتالي فإن محرك هذه الأخيرة قد تطور إلى محرك للدراجة النارية. لعل ذلك ممكنا لكن ليس بدون تصميم ذكي. في الواقع، فإن الأنظمة الوظيفية متعددة الأجزاء و المتداخلة بإحكام تحوي بشكل ثابت تقريبا أنظمة فرعية متعددة الأجزاء و التي تقوم ببعض الأدوار الأخرى المختلفة. في أفضل الحالات فإن نظام الإفراز من النمط الثالث TTSSيمثل مرحلة ممكنة في التطور الغير المباشر للسوط البكتيري إلا أن هذا لا يعطي حلا لمشكل هذا الأخير. فما نحتاج إليه هو مسار تطوري كامل و ليس فقط مجرد واحة ممكنة على طول الطريق. فقول عكس ذلك سيكون كالذي يدعي إمكانية السفر مشيا من لوس أنجلس إلى اليابان لأننا اكتشفنا جزر هاواي. فالبيولوجيا التطورية تحتاج لفعل شيء أحسن من ذلك." (15)

بالرغم من أن ميلر قد شرح كيف يمكن أن يظهر بالكاد عنصر من العناصر المكونة للسوط فإن سكوت أ.مينيش و ستيفن سي ميير (Scott A.Minnich and Stephen C.Meyer) شرحوا أن مجرد توفر العناصر فذلك لا يعد كافيا لشرح تطور نظام بأكمله:

"حتى لو كانت العناصر البروتينية متوفرة بشكل ما عند تشكيل محرك السوط خلال تطور الحياة، فالعناصر بحاجة لأن تكون متشكلة وفق سلسة زمنية صحيحة كما تتشكل السيارة داخل المصنع. حتى الآن و من أجل تجميع أجزاء محرك السوط فالبكتيريا الحالية تحتاج لنظام مُحَضَّر من التعليمات الجينية بالإضافة إلى العديد من الآلات البروتينية الأخرى للقيام بتنفيذ التعليمات الخاصة بالتجميع. منطقيا فأن النظام نفسه يعتبر معقدا بشكل لا يقبل الاختزال. و على أي حال فإن برهان التكيف المسبق يقتضي حاجة عدة أمور إلى تفسير- نظام بروتيني وظيفي بشكل مستقل." (16)

على نفس المنوال، قام الفيلسوف أنجوس مينوج (Angus Menuge) بتحديد عدد من العقبات التي يجب التغلب عليها عبر تفسيرات "التكيف المسبق" و التي لم تتم الإشارة إليها من طرف ميلر خلال المحاكمة:

"لكي يظهر سوط بكتيري وظيفي عبر التكيف المسبق فقبل ذلك يجب مواجهة الشروط الخمسة التالية:

ش.1: الجاهزية. من بين العناصر الجاهزة لتشكيل السوط فسوف نحتاج إلى التي لها القدرة على القيام بوظائف جد متخصصة كالمجداف و الدوار و المحرك حتى و لو كانت لهذه العناصر وظائف أخرى أم لا.

ش.2: التزامن. جاهزية هذه العناصر يجب أن تكون متزامنة على هذا الشكل في نقطة ما بشكل انفرادي أم مجتمعة، فكلها يجب أن تكون جاهزة في نفس التوقيت.

ش.3: التموقع: كل العناصر المختارة يجب أن تتواجد في نفس "مكان البناء"، ربما ليس في نفس التوقيت و لكن بكل تأكيد عندما يتم احتياجها.

ش.4: التنسيق. يجب أن تكون العناصر متناسقة في الاتجاه الصحيح فقط: حتى ولو كانت كل عناصر السوط متوفرة في الوقت الصحيح فإنه من الواضح أن معظم طرق التجميع ستكون غير وظيفية أو دون أهمية.

ش.5: التوافق في الواجهة. فالأجزاء يجب أن تكون متوافقة فيما بينها، أي "مركبة بشكل مناسب" و قادرة على التفاعل بشكل صحيح: حتى و لو كان المجداف و الدوار و المحرك قد وضعوا سويا في الترتيب الصحيح فهم أيضا سيحتاجون إلى امتلاك واجهة صحيحة. " (17)

ويليام دمبسكي(William Dembski) أخذ نهجا مماثلا لمينوج (Menugue). فقام ديمبسكي فعلا بتجميع بعض معايير مينوج من أجل تطوير وسيلة لحساب احتمالية تشكل شيء معقد لا يمكن اختزاله. فلحساب احتمالية وجود "شيء مميز و مركب" فيجب الأخذ في الاعتبار احتمالية ظهور العناصر و احتمالية تواجدها في نفس المكان بالإضافة إلى احتمالية تكون الأجزاء فيما بينها.

الجدول 1: مقارنة للمكونات التفسيرية المطلوبة لكل من مندومبسكي و مينوج ، مبنية على أي تكيف مسبق على حساب التطور.(18)

عامل ديمبسكي

الوصف

نظيره حسب معيار مينوج

احتمالية الظهور

احتمالية ظهور العناصر المشكلة للشيء.

الشرط الأول

احتمالية التموقع

احتمالية تموقع العناصر في المكان المطلوب عند ظهورها.

الشرط الثاني و الثالث

احتمالية التشكل

احتمالية تشكل العناصر المكونة للشيء فيما بينها عند ظهورها و تموقعها في المكان المناسب.

الشرط الرابع و الخامس

من الواضح أن ميلر قد وجد أن احتمالية ظهور 1/4 من بروتينات السوط قد يكون 1/1 إذا ما تواجد نظام الإفراز (TTSS) (أو ربما بنية مشابهة) قبل السوط. إلا أنه لم يشر إلى أصل بقية البروتينات الموجودة في السوط و لا حتى أشار إلى احتمالية التموقع أو إلى احتمالية التشكل في السيناريو التطوري الذي قدمه. على ضوء معيار مينوج و ديمبسكي فمن الضروري أن نطلب من ميلر أن يجيب على الأسئلة التالية:

-ما هي الوظائف التي كان يقوم بها المجداف و الدوار و المحرك خارج السوط؟ (في الحكم قام ميلر فقط بتفسير وظيفة الجسم القاعدي للسوط مشيرا إلى نظام الإفراز من النمط الثالث TTSS و لكنه ترك الأجزاء المجهزة بمعدات الحركة الأكثر تعقيدا و حيوية في السوط دون تفسير.

-كيف تزامنت عناصر السوط؟ (خلال المحاكمة، ميلر لم يناقش هذا الأمر أبدا)

-كيف استطاعت هذه العناصر أن تتواجد في نفس "مكان البناء"؟ (أيضا لم يتطرق ميلر إلى هذا الأمر خلال المحاكمة)

- كيف أن هذه العناصر استطاعت أن تتناسق بشكل بنيوي و أن تفاعل فيما بينها عندما تجمعت للقيام بوظيفة السوط؟ (مرة أخرى ميلر لم يتطرق لهذا الموضوع)

خلال المحاكمة، ميلر لم يجب على هذه الأسئلة المهمة. و بدلا من ذلك فقد قدم دليلا ضعيفا جدا بهدف دحض التعقيد الغير القابل للاختزال و الذي عن طريقه أقنع القاضي لدرجة أنه لم يقترب كليا من الإجابة عن كيف استطاع السوط أن يتطور فعلا.

القياس النهائي: القوس.

جواب ميلر بخصوص السوط البكتيري لا يدحض تعقيده الغير القابل للاختزال لأن ميلر لم يشر إلى أي شيء بخصوص كيف استطاع النظام السوطي النهائي الظهور. حتى لو وجدت وظائف أخرى لنظام الإفراز من النمط الثالث TTSS هذا لا يعني أن النظام السوطي سوف لن يحتاج لقفزات كبيرة في التعقيد (أو باستعمال مصطلحات داروين: تغيرات غير طفيفة) من أجل إنتاج سوط وظيفي في آخر المطاف. و لاستخدام القياس النهائي لإظهار عدم صحة تفسيرات ميلر فلنأخذ مثالا لمحاولة القيام ببناء قوس معقد بشكل لا يقبل الإختزال:



الصورة "أ": هذا السوط معقد بشكل لا يمكن اختزاله، فإذا ما تم حذف قطعة
واحدة فقط منه فإن البقية سوف تسقط
(ملاحظة: لغرض التوضيح، فأنا أجهل مؤقتا مسألة أن قوسا معقدا لا يقبل الاختزال يمكن أن يكون نتاجا لعمليات التعرية الطبيعية. فأنا أعي جيدا أن هذا القياس لا يناسب كثيرا حقل البيولوجيا و لكن ليس الهدف من هذا التوضيح دحض تلك المسألة.)


وفقا لميلر، إذا ما استطعنا إيجاد وظيفة أخرى لعنصر ثانوي فذلك يعني أن نظام لا يعتبر معقدا بشكل لا يمكن اختزاله. حسنا، فلنقم الآن بتفكيك هذا القوس إلى قطع ثانوية.
الصورة "ب": هنا قمنا بتقسيم السوط إلى أجزاء ثانوية. بشكل مشابه، فقد وجد ميلر ظاهريا جزءا ثانويا في السوط "نظام الإفراز من النمط الثالث" و الذي بإمكانه القيام بوظيفة أخرى و نظام الإفراز من النمط الثالث لا يحوي أكثر من 1/4 من مجموع العناصر السوطية. بشكل مماثل، في هذا القوس توجد قطعة ثانوية سميت بحرف "س" و التي تشكل 1/4 من مجموع القوس و التي بإمكانها أن تقوم بوظيفة أخرى خارج القوس مثلا يمكنها البقاء واقفة هنا بنفسها. إلا أن هذا يظهر عدم صحة اختبار ميلر، فقدرة القطعة الثانوية "س" هذه على الوقوف لوحدها لا يعني ذلك على أن القوس لا يعتبر معقدا بشكل لا يقبل الإختزال و بالتالي فإذا حذفنا القطعة الثانوية "ت" الموجودة في الأعلى فإن القوس سينهار حتى و لو بقيت القطعة "س" واقفة.
الصورة "ت": حتى ولو امتلكت القطعة الثانوية "س" وظيفة أخرى خارج نطاق القوس كأن تبقى واقفة لوحدها فذلك لا يعني أن القوس لا يعتبر معقدا بشكل لا يقبل الاختزال بحيث يمكن أن يتشكل عبر عدة مراحل. و بالتالي فإن الاختبار المناسب للتعقيد الغير القابل للاختزال يكون بالسؤال حول ما إذا كان النظام بأكمله يمكن أن ينشأ مرحلة بعد أخرى من خلال تغيرات طفيفة و خفيفة. فمن المهم إدراك أن النظام لا يتحول إلى "تعقيد قابل للاختزال" فقط لأن جزءا من أجزاءه يبقى وظيفيا خارج النظام النهائي.




الاختبار الصحيح للتعقيد الغير القابل للاختزال:

اختبار ميلر هو اختبار بسيط و سطحي و شخصي، و حتى يكون صحيحا فكان يجب صياغته على الشكل التالي:

"إن تنبؤ بيهي يرتكز على أن النظام المعقد بشكل لا يقبل الاختزال سيسير عبر عدة مراحل غير وظيفية على طول أي مسار تطوري. و بالتالي فعلينا أن نكون قادرين على أخذ السوط البكتيري على سبيل المثال و حذف جزء منه و اكتشاف أن النظام يتوقف عن العمل."

إن شهادة ميلر و استنتاج القاضي جونس (Jones) تم بناءهما على اختبار خاطئ للتعقيد الغير القابل للاختزال و الذي يركز على وظيفية الجزء الثانوي و ليس على وظيفية النظام السوطي بأكمله. إذا ما استطاع ميلر إيجاد وظائف موازية لكل النظم الثانوية للسوط سيكون قد أحرز على الأقل تقدما لتفسير تطوره لأنه بذلك سيكون قد استجاب للمعيار الأول لمينوج (Menuge) المتعلق ب "الجاهزية" (الشرط الأول). لكن و كما تسألا مينيش (Minnich) و ميير (Meyer):

"و البروتينات الثلاثون الأخرى الموجودة في المحرك السوطي (و التي لا توجد في نظام الإفراز من النوع الثالث TTSS) هي خاصة بالمحرك فقط و لا توجد في أنظمة كائنات أخرى. إذن: من أين تكيفت بشكل مسبق هذه العناصر البروتينية؟"

ميلر لم يجب على هذا السؤال. و كما تمت الإشارة، فكل ما استطاع ميلر أن يقدمه هو فقط TTSS كدليل على تطور السوط و أشار فقط إلى جاهزية 1/4 من المعيار الأول لمينوج متجاهلا إمكانية احتمال تطور TTSS من السوط و ليس العكس. و إذا ما استطاع ميلر الجواب على "جاهزية" (ش.1) كل عناصر السوط ، فسوف يجب عليه بعدها إعطاء تفسير للتزامن (ش.2) و للتموقع (ش.3) و للتنسيق (ش.4) و للتوافق (ش.5) حتى يجيب عن مسألة تطور السوط و هكذا القضاء على الحاجة إلى تعديلات "غير طفيفية" على طول مساره التطوري.

لكن ميلر لم يقم بأي شيء من هذا. و بالرغم من عدم كفاية تفسيراته فإن القاضي جونس اعتبر أن أدلته و تصريحاته الغير الدقيقة بخصوص التعقيد الغير القابل للاختزال كانت صحيحة. لقد تقرر هذا مع الضرب بعرض الحائط للشهادة الموسعة التي قدمها خلال المحاكمة عالم الأحياء الدقيقة و المساند للتصميم الذكي و الخبير في السوط الدكتور سكوت مينيتش (Dr.Scott Minnich) و قد أدلى بها لإثبات التعقيد الطبيعي الغير القابل للاختزال للسوط. هذه شهادة مينيتش التي تم تجاهلها بشكل كامل من طرف القاضي خلال قضية كيتزميلر:

"أنا أعمل على السوط البكتيري لفهم وظيفته، على سبيل المثال، من خلال تعريض الخلايا على مركبات مطفرة أو على عدة وسائط لتسجيل تلك الخلايا التي ضعفت أو فقدت حركيتها. هذا هو نمطها الظاهري، فالخلايا تستطيع أو لا تستطيع السباحة. فنحن نقوم بتعريض الخلايا للطفرات: فإذا أصبنا جينا له علاقة بوظيفية السوط فإن الخلايا سوف لن تستطيع السباحة و هذا هو النمط الظاهري القابل للتسجيل الذي نستعمله. ثم تستعمل بعد ذلك الهندسة العكسية لتحديد كل هذه الجينات و نربط هذا بالكيمياء الحيوية لإعادة تركيب البنية بالأساس و لفهم ما هي وظيفة كل جزء على حدة. باختصار فإن هذه العملية هي مشابهة للتصميم الذي دفع البيولوجيا من علم وصفي بسيط إلى علم تجريبي من حيث توظيف هذه التقنيات." (20)

مينيتش شرح أنه عرض كل جينات السوط للطفرات و وجد أن السوط يفقد وظيفيته إذا ما فقد جين واحد فقط. و بالتالي فإن السوط يمتلك تعقيدا لا يقبل الاختزال في ما يخص تكامل الجينات:

"طفرة واحدة تقضي على جزء واحد فلا تستطيع الخلية السباحة. فقمت بوضع هذا الجين مرة أخرى في مكانه فتعود الحركية من جديد. أزلت جزءا و وضعت مكانه مرة أخرى نسخة جيدة من الجين و من جديد فهي تستطيع السباحة. فتعريف هذا هو أن هذا النظام معقد بشكل لا يقبل الاختزال. لقد قمنا بهذا الأمر مع كل العناصر 35 المكونة للسوط و دائما يعطينا نفس النتيجة." (21)

و لكن للأسف فإن القاضي جونس قد قرر جهل هذه الشهادة.

الخاتمة:

مع الأخذ في الاعتبار قرارات القاضي جونس فإن الأدلة الموالية للتصميم الذكي المتعلقة بالتعقيد الغير القابل للاختزال الموجود في السوط لم يتم أبدا دحضها كما ادعى القاضي. فميلر قدم للقاضي تصوير خاطئ بخصوص التعقيد الغير القابل للاختزال و منهاج سطحي جدا لاختباره. للأسف فإن قرار القاضي الذي كرس تحريف ميلر سيترك المجتمع العلمي و الناس بشكل عام مع فكرة أن الأصل التطوري للسوط البكتيري قد يمكنه تفسيره. و بشكل لا يصدق و بالرغم من شهادة مينيتش و تقديمه لمنجزاته التجريبية فإن القاضي جونس ادعى أن "التصميم الذكي...فشل في...الاشتراك في البحث و في الإختبار." (22)

فالقاضي تقبل أيضا ادعاء ميلر الخاطئ على أن التعقيد الغير القابل للاختزال لا يعتبر برهانا إيجابيا لدعم التصميم و لكن فقط برهانا بسيطا و سلبيا ضد التطور. ربما نمتلك نظرات مختلفة بهذا الخصوص إلا أن مينيتش و ميير قد جعلا منه مثالا إيجابيا للتصميم في السوط:

"تظهر الآلات الجزيئية توقيع أصلي أو سمة مميزة للتصميم تدعى بالتعقيد الغير القابل للاختزال. في جميع الأنظمة ذوات التعقيد الغير القابل للاختزال و التي تعرف فيها وظائف النظام من خلال التجربة أو الملاحظة فإن الهندسة أو التصميم الذكي قد لعبوا دورا أساسيا في ظهور النظام. فكوننا وجدنا أنظمة بيولوجية تقلد قدراتنا في التصميم و الهندسة فذلك يعطينا تفسيرا للسؤال حول ما إذا كانت هذه النظم هي نتاج للحظ و للحاجة الغير الموجهة من دون أي هدف. في الواقع و في أي سياق آخر سوف نعترف على الفور بأن تلك النظم هي نتاج لهندسة ذكية. بالرغم من أن البعض سيقول بأن هذا دليل بسيط مبني على الجهل، إلا أننا نعتبر ذلك كاستنتاج لأفضل تفسير بما أننا نعرف أن الظواهر الذكية هي مناقضة تماما للأسباب الطبيعية أو المادية." (23)

و في الأخير فإن قرار القاضي جونس حول أصل السوط البكتيري يجب تجاهله لأنه مثال للسياسة الحزبية و ليس للتحليل العلمي الدقيق و الموضوعي.

أخص بالشكر أليكس بينز (Alex Binz) و دافيد كلينغوفر (David Linghoffer) و كيميائي حيوي مجهول من جامعة كاليفورنيا لمساعدتهم لي في إنجاز هذا المقال. كل الأخطاء الموجودة تنتسب لي.

المصدر



المراجع:

(15) William A. Dembski, Rebuttal to Reports by Opposing ExpertWitnesses,en http://www.designinference.com/docum...al_Dembski.pdf.

(16) Scott A. Minnich y Stephen C. Meyer, Genetic Analysis of coordinate flagellar and type III regulatory circuits in pathogenic bacteria, pg. 8,en http://www.discovery.org/scripts/vie...oad.php?id=389

(17) Angus Menuge, Agents Under Fire: Materialism and the Rationality of Science, pgs. 104-105 (Rowman & Littlefield, 2004).

(18) William A. Dembski, No Free Lunch: Why Specified Complexity Cannot be Purchased Without Intelligence, pg. 291 (Rowman & Littlefield, 2002).

(19) Scott A. Minnich y Stephen C. Meyer, Genetic Analysis of coordinate flagellar and type III regulatory circuits in pathogenic bacteria, pg. 8, at http://www.discovery.org/scripts/vie...oad.php?id=389

(20) شهادة سكوت مينيتش، اليوم 20، الفترة المسائية، ص. 105..

(21) شهادة سكوت مينيتش، اليوم 20، الفترة المسائية، ص. 107-108..

(22) قرار كيتزميلر ص.89..

(23) Scott A. Minnich y Stephen C. Meyer, Genetic Analysis of coordinate flagellar and type III regulatory circuits in pathogenic bacteria, pg. 8-9at http://www.discovery.org/scripts/viewDB/filesDB download.php?id=389